"ملتقى أبوظبي الاستراتيجي": كورونا أثبت الحاجة إلى التوجه نحو الاستثمارات الرقمية والطاقة المتجددة
الدار – وام/
أشار المتحدثون في اليوم الثالث والأخير من "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع" إلى أن "كوفيد-19" كشف الثغرات في أنظمة الرعاية الصحية في كل العالم، إلا أنه في الوقت نفسه كانت له جوانب إيجابية تتمثل بتوظيف الابتكار والتكنولوجيا في القطاع الصحي.
كما ذكر الخبراء المشاركون في الملتقى أن الدول استجابت للتبعات الاقتصادية لأزمة كورونا من خلال التوسع المالي الكبير، ما يعني أن الأنظمة المالية للدول ستواجه عجزاً وضغطاً مستقبلياً هائلاً، منوهين أن التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا ستستمر حتى إلى ما بعد عام 2021.
و قالت الدكتورة شوبا سوري، الباحثة في مجال السياسات الصحية في مؤسسة أوبزيرفر للبحوث في نيودلهي، إن أنظمة الرعاية الصحية لم تكن مصمَّمة للتعامل مع التحدي الذي فرضه هذا الوباء الذي يأتي مرة كل مئة عام، وإن من أهم تأثيرات الوباء التي ينبغي التعامل معها هو الإجهاد الشديد الذي طال البنية التحتية لأنظمة الرعاية الصحية حيث تأثرت الموارد المرصودة للمشاكل الصحية الأخرى بسبب التركيز على "كوفيد 19".
ومن ناحيتها رأت الدكتورة مهشاد عبير، الباحثة الرئيسة في مجال السياسات الصحية في مؤسسة راند، أن وباء كورونا جعلنا ندرك محدودية أنظمتنا الصحية لكنه من ناحية أخرى أرغمنا على الابتكار واستخدام تكنولوجيات لم تكن مستخدمة من قبل.
وأكدت الخبيرتان في السياسات الصحية أن الوباء مازال يتطور وأن التحدي أمام الدول يكمن في رفع مستوى الجاهزية وبناء القدرات للتعامل مع الوباء من خلال تخصيص المزيد من الموارد والاستثمارات في البنية التحتية الصحية باعتبارها مسألة أمن قومي للدول، وتعزيز جمع البيانات وتحليلها لدعم السياسات، وتعزيز المرونة الصحية من خلال التركيز على الرعاية الأساسية والفئات الأكثر هشاشة صحياً، فضلاً عن الحاجة إلى تضافر الجهود الجماعية المشتركة لتطوير أفضل الممارسات والتعاون لمكافحة وباء ذي طبيعة عالمية أصلاً.
وفي الجلسة التي تناولت اقتصاد ما بعد كورونا، قال البروفسور جياكومو لوتشياني، الأستاذ في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف، إنه مع تنامي إمكانية توافر لقاح في الفترة القريبة فإن اقتصادات العالم يمكن أن تشهد تحسناً لكنها لن تعود إلى سابق عهدها قبل أزمة كورونا بسبب وجود تأثير نفسي للجائحة، حيث إن المستهلكين باتوا أكثر قلقاً من المستقبل، ويتوقع أن تكون هناك إعادة نظر في العولمة، وتراجع الاعتماد على السياحة كمصدر دخل أساسي للدول.
ومن جهته قال الدكتور ناصر السعيدي، رئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه، إن الاقتصاد العالمي يشهد حالة من اللايقين، حيث انخفض الإنتاج العالمي بنسبة 4.5%، كما انخفض دخل العمالة بنسبة 11% وشهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعاً بنسبة 15%، على الأقل خلال النصف الأول من 2020. وأضاف الدكتور السعيدي أنه من المهم الانتقال من النمو الذي يدعمه الاستهلاك إلى النمو الذي يدفعه الاستثمار، والتحول باتجاه الطاقة المتجددة وضخ مزيد من الأموال في الاستثمارات الرقمية.
و اشار الدكتور السعيدي إلى أن جائحة كورونا أثبتت الحاجة إلى تقليل الفجوة الرقمية بين الدول وفي الوقت نفسه تقليل فجوة الانقسام داخل الدول نفسها.
وفي الجلسة الأخيرة المخصصة لمناقشة تأثير جائحة كورونا في التحولات الجيوسياسية الدولية، قال أندريس أورتيجا، الباحث الرئيس في مجال الحوكمة العالمية والتحولات التكنولوجية في معهد إلكانو الملكي في مدريد، إن جائحة كورونا سرّعت توجهات جيوسياسية موجودة بالفعل، أكثر من إيجادها اتجاهات جديدة، كالتنافس الصيني-الأمريكي، ..
مؤكداً أن الجائحة أظهرت أهمية دور التكنولوجيا والصحة والأمن الغذائي، وأن التعاون بين القطاعين العام والخاص بات ضرورة ملزمة. من جهته قال الدكتور ماثيو بوروز، مدير مبادرة الاستشراف والاستراتيجية والمخاطر في مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع لمجلس الأطلسي، إن جائحة كورونا ساعدت في نقل مركز ثقل الاقتصاد العالمي إلى شرق آسيا بسرعة أكبر ..
منوها أنه يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تستفيد من الجائحة بالنظر إلى تزايد الاهتمام بالنفط من أجل استعادة النمو في العالم.
ومن ناحيته قال الدكتور زيد عيادات، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إن جائحة كورونا لا تمثل صدمة استراتيجية بسبب أنها لن تكون مؤثرة بشكل مفصلي على خريطة توزيع القوة العالمية..
مشيرا إلى أن أزمة وباء كورونا أثبتت أن سلاسل التوريد تعد جزءاً أساسياً من قوة الدولة.
وفي نهاية الملتقى قدمت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الخلاصات والاستنتاجات التي توصل إليها المتحدثون في جلسات الملتقى الثمانية على مدى ثلاثة أيام.