الإمارات .. ثلاثية الإحترام والمساواة والتعايش بين كافة الديانات والشرائع
الدار – وام/
يقصد ملايين البشر حول العالم ومن كافة الأديان والشرائع الإمارات لقضاء الإجازات والعطل المرتبطة بأعيادهم ومناسباتهم الدينية بفضل مناخ الإحترام والمساواة والتعايش الإنساني الذي يعتبر سمة بارزة للدولة وشعبها والمقيمين على أرضها.
وتشهد الإمارات هذه الأيام إقبالا كبيرا من السياح القادمين إليها لإمضاء عطلات أعياد الميلاد و رأس السنة الجديدة، حيث تنتشر المظاهر الاحتفالية بهذه المناسبة في جميع الفنادق والمراكز التجارية والترفيهية، ومن أبرزها شجرة عيد الميلاد التي يتحلق من حولها الناس ومن كافة الديانات لالتقاط الصور في مشهد يعكس حجم ثقافة السلام وتقبل الآخر التي تسود في المجتمع الإماراتي.
وتمثل حرية الاحتفال بالأعياد الدينية المختلفة جزءا بسيطا من مشهد الوسطية والاعتدال والعيش المشترك في الإمارات التي كانت السباقة على مستوى دول المنطقة في وضع الأطر القانونية والسياسات والإجراءات التي تضمن لرعايا كافة الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة، وبناء وتشغيل دور العبادة الخاصة بهم مثل المعابد، والكنائس، والغوردوارا وغيرها.
وتقدم الإمارات تجربة عالمية رائدة على صعيد التعايش المشترك لكل أتباع الأديان السماوية، وحتى الشرائع الإنسانية المختلفة، وذلك منذ عهد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الذي كرست أفعاله نهج التراحم والتسامح بين جميع الديانات دون تفرقة أو تمييز، ولعل التاريخ يذكر له كيف أنه في الوقت الذي تكفل فيه بترميم مسجد عمر بن الخطاب عام 2002 في مدينة القدس، عمل أيضاً على ترميم كنيسة المهد.
ويعد القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة أمس باعتماد تاريخ توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية 4 فبراير "يوما دوليا للأخوة الإنسانية"، بمثابة الإقرار العالمي بصوابية الرؤية الإماراتية التي كانت ترى في الأخوة الإنسانية سبيلًا لاستقرار العالم والقضاء على النزاعات والصراعات، ونشر قيم التعايش والتسامح، وهي المبادئ التي قامت عليها فكرة الأخوة الإنسانية، التي توجت بالوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في فبراير من العام الماضي في أبوظبي.
وتجتمع في الإمارات، التي كانت أول دولة في العالم تخصص عاما للتسامح في 2019، دور العبادة لمختلف الأديان والمعتقدات تحت قبة التسامح والسلام، وتضم الإمارات بعضا من أقدم المعالم التاريخية الدينية في منطقة شبه الجزيرة العربية، أبرزها معبد منطقة الدور الأثرية في إمارة أم القيوين الذي اكتشف قبل 30 عاما، فضلا عن كنيسة ودير صير بني ياس إحدى أقدم الكنائس التي تعود إلى القرنين الـ7 والـ8 الميلادي
وفي العصر الحديث، شيد العديد من الكنائس ودور العبادة مثل كنيسة سانت جوزيف الكاثوليكية في العاصمة أبوظبي التي بنيت عام 1965، و دار العبادة الهندوسية التي شيدت عام 1958 بين خور دبي وسوق بر دبي القديم، بينما تعتزم أبوظبي تشييد أكبر معبد هندوسي.
وأعلنت الإمارات عن إقامة "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي سيضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات، وليضاف لما تزخر به الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
واتخذت الإمارات مجموعة من الخطوات لتحويل التسامح إلى لغة مشتركة وثقافة مجتمعية، فكان قانون مكافحة التمييز والكراهية والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ثم تبعه استحداث وزارة التسامح عام 2016، كما كانت اللفتة الانسانية الجليلة عندما وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات والتي حثَّنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية.
وأطلقت الإمارات "المعهد الدولي للتسامح" واستضافت مؤتمرات وقمم بحضور شخصيات دينية عالمية اجتمعت للتحاور على أرض الامارات، كما أطلقت "جائزة الأخوة الإنسانية - من دار زايد" والتي تكرم في كل دورة أفراداً أو مؤسسات قاموا بجهود حقيقية لتعزيز الأخوة الإنسانية في مجتمعاتهم أو حول العالم، إلى جانب تأسيس "صندوق زايد العالمي للتعايش" والذي يعد امتدادا لوثيقة "الاخوة الانسانية" ويدعم مبادئها في عدة قطاعات، كالتعليم، والتنمية الاجتماعية، والتطوير الثقافي والمعرفي لحث الطلاب والشباب على أن يكونوا رسلا للتواصل والتفاهم ونبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى.
وفي مبادرة لافتة تقدم أنموذجاً على التسامح والتعايش الديني في الإمارات، دشنت مطارات أبوظبي "غرفة العبادة متعددة الأديان"، التي تتيح للمسافرين عبر مطار أبوظبي الدولي من جميع الأديان إمكانية ممارسة شعائرهم الدينية.