الإمارات .. حياة عصرية تنبض بسحر البادية وثراء الموروث

الدار – وام/

الزائر لدولة الإمارات لن ينبهر فقط بالتطور الأسرع نموا على مستوى العالم ولن تأسره أشهر مدنها النابضة بالحياة .. فللتراث نصيب وافر أيضا.

وتعد مسيرة الإمارات الحديثة رمزا للتطور والرقي والأهم ما تضمنه ذلك من الانفتاح على أنماط الحياة العصرية في مختلف المجالات وصولا إلى الثورة الرقمية والطفرة العمرانية التي قدمت من خلالها نماذج من العمارة تعد أيقونة على مستوى العالم ..

وفي خضم تحولات المجتمع وتطوره لا يزال هناك حضور بارز للتراث والاعتزاز بالتقاليد والهوية الوطنية.

ولا يزال الاماراتيون يتميزون بالود وترحيبهم بالضيوف وتظهر تلك السمات جلية في الحياة الإماراتية المعاصرة إذ يتم استقبال الضيوف بكل تقدير واحترام ..

وعادة ما يرحب بهم بتقديم الطعام والتمر والقهوة ولا يزال هذا التقليد متبعا حتى أيامنا هذه فتقدم الفنادق الفخمة والمراكز التجارية التمر والقهوة لضيوفها في قاعات الاستقبال بنفس الروح والطريقة التي يقدمها رجل البادية لضيوفه في مجلسه الخاص.

وفي هذا الصدد يقول المواطن عبدالله سليمان: تقدم الإمارات أبهى مظاهر التطور والرقي حيث يجتمع كل شيء ممكن في مكان واحد بدءا من أطول برج في العالم وأكبر قاعة للجليد وأكبر مركز تجاري إلا أنك وسط ثورة البناء والتكنولوجيا لا يمكنك تجاهل طبيعة الصحراء وسكانها من البدو.

ويضيف سليمان : رغم التقدم التكنولوجي والعمراني في الإمارات إلا أن جيل اليوم لم يتخل عن إرث آبائه وأجداده ..

فقيم المجتمع و موروثاته وعاداته وتقاليده لا تزال متجذرة في نفوس الأبناء رغم التطورات والتغيرات الهائلة التي شهدها المجتمع حديثا .. فالشهامة والكرم والأصالة سمات أصيلة في نفوس أبناء الإمارات وقيادته الحكيمة.

ويتذكر انه في السابق لا يجد المرء صعوبة في التعرف على الجيران الجدد وذلك بحكم صغر المدن وانفتاح الأحياء على بعضها بينما في الوقت الحاضر يفرض التطور الحضاري ونمط المدنية إيقاعه على حياة واسلوب الفرد فتباعدت الناس بسبب تنوع مجالات الحياة وتعقدها وانشغال الفرد الدائم بعمله ومتابعة شؤون أسرته وأبنائه وتوفر وسائل الاتصالات الحديثة التي سهلت على الإنسان التحدث مع أقاربه وأصدقائه عن بعد دون الحاجة للزيارات الميدانية.

وثمن ابن سليمان الدور الرسمي والحكومي خاصة ما تقوم به المجالس البلدية والمحلية في جميع إمارات الدولة في إعادة الترابط الاجتماعي بين الأفراد القاطنين في الحي الواحد ..

وأثنى على كل من رفع راية العلم والمعرفة والتحدي وامتطاء بساط التغيير نحو الأفضل ولمن ما زال يرسم وجه البادية والبداوة بريشة الأصالة.

واليوم وأمام زحف الحضارة الحديثة لم تتراجع موروثات وعادات البادية في حياة السكان ومازال الجميع متمسكا بها كجزء من التراث ووفاء لما درج عليه الأجداد.

وبعيدا هناك ما زالت بادية الإمارات تعكس بمرآتها الماضي الجميل وتتمسك بعاداتها وتقاليدها وثوابتها وتحتضنها رغم أن أشياء كثيرة طرأت عليها تغييرات.

وهذا ما يذكره المواطن محمد بن سالم الكتبي: بات أهل البادية يسكنون المساكن الحديثة منذ أواخر الستينيات .. ولم يعد أحد يجوب الصحراء بقطعانه من الماشية والإبل بحثا عن الماء.

ويشير بيده إلى القرى المنتشرة أمامه في الأفق ويقول: هذه القرى التي نراها الآن أمامنا كلها جديدة وبنيت في بداية عهد المؤسس الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه".

ويضيف: هؤلاء الآن استقروا في هذه المناطق وأصبحت لهم منازلهم الحديثة ومزارعهم كما أصبحت لهم مدارسهم ومستشفياتهم ويتمتعون بكل الخدمات المتوفرة في المدن بدون ازدحام فجمعت المنطقة ما بين خدمات المدينة وجمال الصحراء على حد سواء.

ويقول : نحن نعتز ونفتخر بما وصلت إليه دولتنا من تطور وتقدم لكننا أيضا نعتز ونفتخر بتراثنا وموروثات البادية ..

ورغم اننا تحضرنا ونعيش حياة المدينة في عمق الصحراء إلا أننا مازلنا نهتم بالابل ونشرب حليب النوق ومن يزورنا يرى بأم العين أن سيارات الدفع الرباعي وليس الابل باتت هي سفينة الصحراء بلا منازع.

ويضيف : الناس في البادية قريبون من بعضهم البعض على الرغم من انتقالهم للمنازل الشعبية الحديثة التي تحيط بها الجدران من الجهات الأربع إلا أن الجار يعرف كل شيء عن جاره.

ويقول: إذا حل بجوارنا جار نعتبره أخا وصديقا نساعده عند الحاجة ونشاركه آلامه وهمومه ونتعاون جمعينا في حل مشكلات الناس من حولنا.

ويضيف: هذه العادة من عاداتنا القديمة ومازلنا نواظب عليها ..

فعندما ينزل الجار منزلا جديدا في المنطقة فإن جيرانه يتسابقون كلهم إلى تكريمه ودعوته إلى الغداء وللعشاء حيث يقيمون له ولأسرته الولائم ..

فكان الضيف الجديد لا يمضي عليه أسبوع حتى يتكيف بسرعة مع بقية سكان الحي ويصبح جزءا منهم.

وعن جيل الشباب يقول: جيل اليوم ولله الحمد لم يتخل عن إرث الآباء والأجداد فقيم المجتمع وموروثاته وعاداته وتقاليده لا تزال متجذرة في نفوس أبناء الوطن بالرغم مما شهده المجتمع من تغيرات وتطورات في الفترة الأخيرة فالأصالة والكرم والتواصل الاجتماعي خصال التصقت بأبناء الإمارات وقيادته الحكيمة.