"البرنامج النووي السلمي الإماراتي" .. دور محوري في التنمية الشاملة
الدار -وام/
اكتست احتفالات دولة الإمارات هذا العام بعيد الاتحاد الـ 50 طابعا استثنائيا بفعل إنجازات تاريخية توجت في يوبيلها الذهبي مسيرتها المظفرة بينما تتطلع لمئويتها بتأسيس المزيد من ركائز التميز والتفوق والريادة على مختلف الصعد العربية والعالمية.
وتعد أبرز الإنجازات التي تحققت النقلة النوعية الاستثنائية في قطاع الطاقة عصب التنمية ومحركها الأساسي فقد استطاعت دولة الإمارات في عامها الخمسين إضافة الطاقة النووية السلمية لمحفظة مصادر الطاقة لديها.
ونجحت في تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي وفق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والأمن والجودة والشفافية التشغيلية وتشغيل أولى محطات براكة بشكل تجاري والتي تزود شبكة الكهرباء الرئيسية في الدولة بما يصل إلى 1400 ميغاواط من الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع فضلا عن بدء المحطة الثانية بإنتاج الكهرباء الصديقة للبيئة بعد نجاح عملية بداية تشغيلها وربطها بالشبكة لتبدأ بعدها ما يعرف باختبار الطاقة التصاعدي أي الرفع التدريجي لطاقة مفاعل المحطة وصولا إلى التشغيل التجاري خلال عدة شهور.
ومع إعلان مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في نوفمبر 2021 اكتمال الأعمال الإنشائية في المحطة الثالثة وتسليم أنظمة المحطة تمهيدا لبدء مرحلة الاستعدادات التشغيلية تكون المؤسسة قد قطعت أكثر من نصف المسافة لتحقيق هدفها المتمثل في إنتاج ما يصل إلى 5600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة وهو ما يغطي 25 في المائة من احتياجات الدولة من الكهرباء.
هذه الإنجازات رسخت الدور الريادي لدولة الإمارات في قطاع الطاقة إذ أصبحت المحطة الأولى أكبر مصدر منفرد للكهرباء في الدولة والعالم العربي بينما أصبحت دولة الإمارات بعد ربط ثاني محطات براكة بالشبكة ، الأولى في العالم العربي التي تمتلك مشروعا للطاقة النووية السلمية متعدد المحطات في مرحلة التشغيل.
ويتجاوز دور البرنامج النووي السلمي الإماراتي ومحطات براكة حجر الأساس المتعلق بتوفير الكهرباء الصديقة للبيئة حيث يساهم في تطوير قطاعات صناعية جديدة وسلسلة إمداد محلية تعتمد على معايير عالمية إلى جانب الدور الأهم المتمثل في تطوير قاعدة علمية متميزة من الكفاءات الإماراتية المتخصصة في هذا القطاع التكنولوجي المتقدم والتي تعتبر وبتوجيهات القيادة الرشيدة من أهم الثروات التي يمتلكها الوطن.
إلى جانب ذلك يقوم البرنامج النووي السلمي الإماراتي بدور محوري في تحقيق الاستدامة في الدولة فبعد تشغيل أولى محطاتها تجاريا أصبحت محطات براكة أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية من بين كافة القطاعات سواء في دولة الإمارات أو المنطقة عموما حيث من المتوقع أن تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية في إمارة أبوظبي بنسبة 50 في المائة بحلول العام 2025 ..
بينما ستحد محطات براكة الأربع فور تشغيلها بالكامل من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربوينة كل عام، وهو ما يعادل الانبعاثات التي تنتجها 3.2 مليون سيارة، أي ما يقارب كافة السيارات في دولة الإمارات.
وبهذا يتكامل البرنامج النووي السلمي الإماراتي مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية الخاصة بالحياد المناخي 2050 الأولى من نوعها في الشرق الأوسط ويعد من أهم المساهمين في تحقيق أهدافها وترسيخ الدور الريادي للدولة في مواجهة ظاهرة التغير المناخي والوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاقية باريس للمناخ.
وبالنظر إلى الإنجازات المتحققة فإن الخمسين عاما المقبلة تحمل في طياتها إنجازات أكبر تساهم في ارتقاء الدولة درجات عديدة على سلم التقدم والتطور الحضاري والتنمية الشاملة.
فقد بدأت ملامح الحقبة الجديدة لقطاع الطاقة في دولة الإمارات مع إدراج الطاقة النووية في شهادات الطاقة الصديقة للبيئة التي أطلقتها دائرة الطاقة في أبوظبي والتي تعد بمثابة خطوة تأسيسية لإنشاء سوق شهادات الطاقة وتسهيل تداول الطاقة المتجددة والنووية في إمارة أبوظبي.
كما يستعد البرنامج النووي السلمي للقيام بدور في غاية الأهمية على صعيد البحث والتطوير في دولة الإمارات حيث وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية العديد من مذكرات التفاهم مع جهات محلية ودولية للبحث في آفاق استخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا والاستفادة منها في قطاع الطاقة النووية السلمية فضلا عن دعم البحث والتطوير في قطاعات مختلفة مثل الطب والزراعة واستكشاف الفضاء وتمهيد الطريق لإنتاج مصادر جديدة للطاقة الصديقة للبيئة مثل الهيدروجين الأخضر.
وستواصل محطات براكة للطاقة النووية السلمية القيام بدروها المحوري في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في دولة الإمارات على مدار الأعوام الستين المقبلة ما يجعل البرنامج النووي السلمي الإماراتي مساهما رئيسيا في ضمان مستقبل مشرق وأكثر استدامة للأجيال القادمة.