عاجل

الزراعة الملحية في الإمارات .. نهج مُبتكر في وجه التغييرات المناخية القاسية

الظفرة

الدار – وام/

تحظى الزراعة الملحية باهتمام متزايد في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تعد وسيلة ناجعة لمواجهة شح الموارد المائية والجفاف إضافة إلى فوائدها المتمثلة في زراعة المحاصيل على مدار العام والحد من ارتفاع نسبة التملح المتصاعد للتربة الذي يؤدي تدريجيا إلى تقلص حجم الأراضي الزراعية .

وتعتمد أساليب هذه الزراعة على استصلاح وإعادة استخدام الأراضي الزراعية المتدهورة وذلك من خلال زراعة بعض المحاصيل والأعلاف وبعض السلالات النباتية التي تتحمل المياه المالحة أو شبه المالحة مما يخفف من استخدام المياه العذبة وتحسين خصائص التربة وتساعد على حمايتها.

وتشير إحدى الدراسات التي نُشرت عام 2021 إلى أنه تم اكتشاف معلومات جينومية جديدة تسهم في تطوير الزراعة الملحية في الإمارات من خلال تسلسل 107 أنواع من الطحالب الدقيقة من شعب مختلفة في مواقع متعددة من العالم حيث أثبتت نتائج هذه الدراسة وجود جينات مقاومة للملوحة فيها .

ووفقا للدراسة التي أجراها مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية في جامعة الإمارات بالتعاون مع باحثين في جامعة نيويورك ابوظبي فإن الأبحاث تركز على دراسة الكائنات الصحراوية التي تحتوي على معلومات غنية حول آليات تحمل الجهد البيئي مثل الملوحة والحرارة والجفاف والتي من شأنها المساهمة في تطوير الزراعة الملحية الحيوية المستدامة وتعزيز الإنتاجية الزراعية في البيئات الهامشية والمالحة في دولة الإمارات.

وفي ظل هذه التغيرات المناخية الحادة وانخفاض مستوى المياه الجوفية بالإضافة إلى تملحها بشكل متسارع بات هناك حاجة ملحة لوجود بدائل لتوفير الغذاء مع المحافظة في الوقت نفسه على الموارد الطبيعية والحد قدر الإمكان من النشاطات التي تسهم في ارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري التي تؤدي بدورها لنقص المياه وتملحها.

وهنا يأتي دور الزراعة الملحية التي تعتمد على الموراد غير التقليدية من المياه والنبات والتربة وتوفر الحلول لإنتاج الغذاء حتى في ظل هذه الظروف المناخية الصعبة حسب الدكتورة هنده المحمودي خبيرة فسيولوجيا النبات في المركز الدولي للزراعة الملحية.

وتضيف المحمودي في حوار مع وكالة أنباء الإمارات / وام / .. تمثل الزراعة الملحية المنفذ الوحيد للمحافظ على الموارد الحالية و الحد من التملح المتصاعد وفي الوقت ذاته يمكن أن تسهم بشكل كبير في تنويع سلة الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي .. مشددة على أنه يبقى دائما هناك نقطة مهمة وهي الإدارة المناسبة لهذا النوع من الزراعة حتى تتحقق أفضل النتائج.

وثمنت اهتمام الدولة بالاستثمار الزراعي وقدرتها على تحقيق الأمن الغذائي على المدى المتوسط والمدى البعيد .. وقالت : " الإمارات لديها كل المقومات التي تساعدها على ذلك من خلال الاستمرارية في تجربة التقنيات المناسبة والمتماشية مع الظروف المناخية والموارد الطبيعية التي تمتلكها وذلك من خلال التطور التكنولوجي والتقدم بالأبحاث العلمية والكثير من المعايير تتغير وما كان مستحيلًا منذ سنوات صار الآن ممكنًا لو استخدمت المحاصيل المناسبة والتقنيات المناسبة لكل بيئة".

واعتبرت أن التنوع البيولوجي البري والبحري يعد جزءًا أساسيًا في تراث دولة الإمارات يجب المحافظة عليه واستثماره بالطريقة المثلى .. لافتة إلى أن تكاتف جهود العديد من الجهات والوزارات مع بعضها البعض والاستعانة بالخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة أثبتت قدرة الإمارات على إنتاج الكثير من المحاصيل تحت الظروف المناخية المحلية وباستخدام الموارد المائية المتوفرة، وبذلك فإنّ الدولة قادرة على أن تنافس إقليميًا وعالميًا على المدى البعيد بالاعتماد على موروثها البيولوجي.

ودعت الدكتوره هنده المحمودي إلى الاستثمار في مجال النباتات الصحراوية المتأقلمة مع الظروف القاسية ولها قيمة اقتصادية حيث أن لها استخدامات متعددة، للغذاء والدواء وغيرها من الاستخدامات نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر أشجار الغاف والقرم والحنظل والسدر وغيرها .

وأشارت في هذا السياق إلى أن هذه النبات النباتات المحلية المتحملة للملوحة والجفاف تُستخدم في الطب الشعبي لمعالجة أمراض متنوعة كالسكري وضغط الدم والأمراض الجلدية والأمراض المعوية والتهاب المفاصل.

وأضافت كما تُستخدم أنواع معينة منها كمسكنات للألم والحمى وتتميز بعض الأنواع الأخرى بخصائصها العطرية وإمكانيات استخراج بعض الزيوت منها فضلا عن تميز بعضها بقدرتها على تثبيت الرمال ومقاومة التصحر بجانب جمالها وإمكانية استخدامها كنباتات تجميلية.

ودعت الدكتورة هنده المحمودي خبيرة فسيولوجيا النبات في المركز الدولي للزراعة الملحية في ختام الحوار إلى ضرورة زيادة التوعية بأهمية الزراعة وتشجيع الشباب على المساهمة أكثر في القطاع الزراعي وتطبيق الحلول الممكنة التي تتماشى مع الظروف الحالية والتركيز على الزراعة المتكاملة وإدخال المحاصيل البديلة التي تتأقلم مع الظروف القاسية والتي تستهلك كميات أقل من المياه وتحتوي على قيمة غذائية عالية وأيضًا استخدام تقنيات الري المناسبة وتحسين التربة باستخدام عدة محسنات ممكنة تمكن من التقليل في استخدام المياه وفي الوقت ذاته تزيد من مردودية المحاصيل.