المواقع الأثرية .. تحفة إنسانية تروي صفحات ناصعة من تاريخ البشرية
الظفرة- وام/
تروي المواقع الأثرية في دولة الإمارات فصول حضارة أصيلة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ لتحكي قصة عراقة بطلها الإنسان الإماراتي القديم، حيث تختزن طبقات أرض دولة الإمارات كنوزاً أثرية تؤرخ لحقب زمنية وعصور قديمة، تجسد رحلة البحث عن لقمة العيش بين مختلف مناطق الدولة، حيث خلّفَ الأجداد القدماء وراءهم إرثاً كبيراً تسعى بعثات التنقيب لاكتشافه ودراسته ورسم صورة عن هذه الحضارات. وتولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، باعتبارها تجسيدا لذاكرة الشعوب والمجتمعات، فضلاً عن أنها تعتبر واحدة من أهم العناصر التي تؤرخ لماضي الشعوب، حيث تعكس الاكتشافات الأثرية التي تزخر بها الدولة والتي يعود بعضها إلى أكثر من 8500 سنة، طبيعة الحضارات التي توافدت عليها منذ عصور قديمة. وبالطبع لا تكتمل زيارة الإمارات دون زيارة مواقعها الأثرية ومتاحفها التاريخية التي تجسد تحفة إنسانية سجلت صفحات ناصعة من تاريخ البشرية، حيث تعتبر هذه الفترة من العام والتي تشهد حملة أجمل شتاء في العالم، فترة مثالية للاستمتاع بجولة بين هذه المعالم التي توثق تاريخاً تليداً سطره سكان المنطقة وتعتبر في الوقت نفسه شاهداً على التقاليد العريقة وجماليات الإنجاز البشري في كافة مجالات الحياة، الأمر الذي يجعل من هذه المواقع نافذة على التراث يستلهم منها الشباب طريقهم نحو المستقبل. وعززت الدولة الكثير من المواقع الأثرية والمتاحف بالعديد من الخدمات اللوجستية على مستوى قطاع الفندقة والضيافة إضافة إلى قائمة من الخيارات الترفيهية، الأمر الذي يزيد جاذبية هذه المواقع ويجعلها خياراً مثالياً سواء للزوار من داخل الدولة أو السياح من الخارج أثناء حملة أجمل شتاء في العالم وعلى مدار العام.
- موقع هيلي الأثري. يقع أكبر موقع أثري للعصر البرونزي في دولة الإمارات في منطقة هيلي بمدينة العين، ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثالثة قبل الميلاد واستمر حتى بداية الألف الثانية قبل الميلاد دون انقطاع. ويقدم هذا الموقع لمحة عن العصرين البرونزي والحديدي في مدينة العين، حيث المدافن والمنازل والقلاع ونظم الري، ويضم أيضاً العديد من القرى والمدافن والبنية التحتية الزراعية التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي (3000 - 1300 سنة قبل الميلاد) والعصر الحديدي (1300- 300 سنة قبل الميلاد)، إذ تقع أول قرية زراعية في موقع الهيلي رقم (8)، ويعود تاريخها إلى 3,000 سنة قبل الميلاد. وتوسعت مستوطنة الهيلي في الفترة الممتدة بين 2,500 و2,000 سنة قبل الميلاد. وسُمّيت هذه الفترة باسم "حقبة أم النار" تيمُّناً باسم الجزيرة الواقعة على ساحل أبوظبي، حيث عُثر لأول مرة على بقايا هذه الحضارة. يضم الموقع أكبر مجموعة من المدافن والمباني تعود إلى هذه الحقبة في الدولة ، ويقع عدد من هذه الأبنية التي تعود إلى العصر البرونزي في حديقة آثار الهيلي، وهي مفتوحة للزوّار.
-مدافن جبل حفيت. عند سفح جبل حفيت تستقر مئات المدافن الحجرية المبنية على شكل خلايا نحل العسل، المدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي والتي تروي قصة سكان العين الأوائل منذ 5,000 سنة. وكشفت عمليات التنقيب في هذه المنطقة عن العديد من القطع الأثرية التي تؤكد الروابط التجارية مع بلاد الرافدين (العراق) ووادي السند (باكستان والهند). وتؤرخ هذه المدافن، التي تم تشييدها على مدار حقبة امتدت 500 سنة بين 3,000 و2,500 سنة قبل الميلاد، لبداية العصر البرونزي في دولة الإمارات، حيث أظهرت عمليات التنقيب التي قامت بها البعثة الدنماركية في العام 1959 أدلّة حول بقايا أثرية مثل الأوعية الخزفية والتحف النحاسية التي تشير إلى ازدهار التجارة البحرية في ذلك الوقت في أنحاء الخليج العربي. وينظم منتزه جبل حفيت الصحراوي جولات برفقة مرشدين لاستكشاف هذه المنطقة الأثرية العريقة.
-مواقع بينونة الأحفورية. تُظهر آثار مواقع بينونة الأحفورية أن طبيعة وبيئة منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي قبل ما يقرب من 6 إلى 8 ملايين سنة كانت مختلفة تماماً عن اليوم، حيث احتضنت هذه المنطقة نهراً كبيراً عاشت بفضله العديد من الحيوانات، مثل: الفيلة وأفراس النهر والزرافات والقرود والحيوانات المفترسة والنعام والتماسيح. وتم العثور على الآثار الأحفورية لهذه الحيوانات في تشكيل بينونة الجيولوجي الذي تكوّن بفضل الرواسب النهرية، مثل: الرمال والحصى والطين. كما يمكن العثور على مثل تلك الآثار الأحفورية اليوم في سلسلة من التلال الموجودة على طول ساحل منطقة الظفرة، وكذلك في قلب الصحراء. ويحتوي موقع بينونة للجمال على بقايا محفوظة لإبل برية تم اصطيادها منذ 6,000 سنة تقريباً، أي قبل استئناس الإنسان لهذه الحيوانات بزمن بعيد. وتُساعد دراسة هذا الموقع الأثري على فهم عناصر الحياة في هذه الحقبة القديمة في أبوظبي، بما فيها أساليب الصيد التي اتبعها سكان العصر الحجري الحديث.
- موقع ساروق الحديد. يعود اكتشاف موقع ساروق الحديد الذي يقع ضمن طبيعة صحراوية رائعة جنوب إمارة دبي، إلى عام 2002 عندما كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" يحلّق بطائرة مروحية فوق هذه المنطقة ولاحظ اختلافاً غريباً في شكل الكثبان الرملية، أدرك سموه أنه يجب التحقّق من الأمر لذا نبّه السلطات المعنية وبدأت عمليات التقصي والبحث. ومنذ ذلك الحين بدأ علماء الآثار بتنقيب الموقع وفهم ما كان يحدث هناك قديماً، حيث وجدوا أدلة تثبت وجود نشاط بشري في الموقع يعود إلى أكثر من 5 آلاف سنة والذي كان ذروة ازدهاره في العصر الحديدي، أي منذ نحو 3 آلاف سنة. وخصصت دبي متحفاً يحمل اسم "ساروق الحديد" يقع في حيّ الشندغة التاريخي في قلب الإمارة ليروي حكاية واحد من أهم المواقع الأثرية المكتشفة في دولة الإمارات حتى الآن وأكثرها غموضاً. -منطقة حتا الأثرية. تعتبر منطقة "آثار حتا" من المواقع الأثرية المهمة في إمارة دبى، وتقع على الجانب الأيسر لوادي جيما، ويرجع الموقع بتاريخه إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد. ويضم الموقع العديد من المقابر الأثرية، حيث عثر به على نحو 28 مقبرة ذات تخطيط معماري دائري الشكل مشيدة على الطريقة المعمارية لموقع أم النار، وقد كشف عن العديد من الرسومات المختلفة الأشكال على أحجار متنوعة الأحجام.
-موقع الصفوح الأثري. كشف موقع الصفوح الأثري في إمارة دبي عن مستوطنات ترجع للألف الثالث قبل الميلاد، ومقابر من أهمها مقبرة كبيرة الحجم دائرية الشكل يبلغ قطرها 6,2م والمقبرة مشيدة طبقاً للأسلوب المعماري المتبع بحقبة حضارة أم النار، وهي مشيدة من كتل الحجر الرملي الكبيرة الحجم ومقسمة من الداخل إلى قسمين رئيسيين كل قسم يحتوي على 3 حجرات مخصصة للدفن وبمدخل مستقل، وعثر بداخل كل حجرة على هياكل عظمية، وبجوارها أواني فخارية وحجرية مختلفة الأشكال والأحجام.
-موقع جميرا الأثري. يقع موقع جميرا الأثري بين جميرا وشارع الوصل في إمارة دبي، ويُعتبر أحد أعرق المواقع الأثرية في الإمارات. ويرتحل الموقع بزواره إلى زمن الخلافة العباسية أي بين القرنين 9 و11 حين كانت المستوطنة محطة توقف على طول طريقٍ تجاري بين العراق وعُمان. في العام 1969، حفر علماء الآثار الموقع، حيث عثر فيه على كنوز قديمة مثل الفخاريات والعملات المعدنية والأدوات وغيرها. ويمكن مشاهدة مكتشفات هذا الموقع داخل متحف دبي.
-منطقة مليحة. تروي منطقة مليحة بالشارقة قصة الإنسان قبل آلاف السنين وتؤكّد مكتشفاتها الأثرية على كثافة عناصرها الجاذبة وضخامة إرثها الطبيعيّ الساحر الدّال على أهميتها التاريخية وفي كونها واحدة من أبرز الملامح الطبيعية النادرة في دولة الإمارات والمنطقة. وتنبع قيمة مليحة في كونها عنصرَ جذب ثقافي وحضاري مهم ومتجدد، نظراً لأنها واحدة من المناطق القليلة في المنطقة، التي تحتضن دلائل واكتشافات تشير إلى حياة سكنت المكان وجابت معالمه وأركانه تاركة آثارها تحكي حكايات العصور الخمسة التي تعاقبت عليها. وتتفرّد مليحة بثرائها الغنيّ بالعناصر البصرية والجمال الطبيعي الذي عزّزته المكتشفات الأثرية الفريدة المكتشفة خلال عمليات بحث وتنقيب واسعة من قبل خبراء محليين وأجانب في علوم التاريخ والآثار تؤكد جميعها على حضارة ضاربة جذورها في عمق التاريخ الإنساني. وسيكتشف زائر “مليحة” تفاصيل العصور وخصائصها وأدواتها؛ حيث دلّت المكتشفات التاريخية في جبال الفايا على "كهف الفايا" التحفة الفنية الطبيعية الذي عثر بداخله على أدوات تعود إلى العصر الحجري، وعلى أن المكان كان مأهولاً بسكانٍ من قاراتٍ أخرى. وجبل الفايا موقع أثري يحتوي على مجموعة أدوات من العصر الحديدي، والعصر البرونزي، والعصر الحجري الحديث والعصر الحجري القديم. وبسبب مجموعاته الأقدم والتي يعود تاريخها إلى 125 ألف سنة، قد يكون أقدم مستوطنة مكتشفة للإنسان الحديث حتى الآن خارج أفريقيا. - منطقة «المويهات» الأثرية. تعتبر منطقة «المويهات» الأثرية الواقعة في الجنوب الشرقي من إمارة عجمان واحدة من أهم المواقع الأثرية في الإمارة وترتبط بثقافة حضارة أم النار، حيث كشف عن العديد من التحف والمصنوعات اليدوية القديمة فيها، والتي تشمل عدداً من الأحجار المصقولة والأواني الملوّنة المصنوعة من السيراميك من الحقبة التاريخية نفسها (2500 - 2000 قبل الميلاد)، كما تضمّ القائمة قرابة 3000 خرزة واثنين من الأختام وبعض الأدوات النحاسية. وإضافة إلى ذلك، تم العثور على قبر يعود تاريخه إلى عام 2500 قبل الميلاد، والذي كان بقطر 8.25 متر مع العثور على بقايا هياكل عظمية لعشرات من الأشخاص، والتي تروي قصة و تقاليد الجنازة والمعتقدات المرتبطة بها في تلك الفترة، وكذلك الروابط التجارية مع الحضارات الأجنبية مثل بلاد ما بين النهرين والهند والصين نظراً إلى أنواع المجوهرات والأواني الفخارية التي تم العثور عليها. وقد جرى حفظ جميع الآثار والمكتشفات في متحف عجمان.
-منطقة قدفع. تضم منطقة قدفع في شمال شرق مدينة الفجيرة مستوطنة بشرية تعود إلى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد. والموقع عبارة عن مدفن يقع ضمن مجموعة كبيرة من المدافن التي تكون "مقبرة " يعود تاريخها إلى عصر "وادي سوق" المقدر تاريخه بالفترة من ( 1600- 2000 ق م ) وذلك استناداً إلى مقارنة كسر الفخار التي عثر عليها داخل المدفن. -موقع الدور. يعد موقع الدور الأثري إحدى أكبر المستوطنات المحلية على ساحل إمارة أم القيوين خلال فترة العصر الروماني، وتصل مساحة الموقع حوالي 2 كيلومتر مربع.
وازدهر هذا الموقع الأثري أواخر القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي، ويعتبر موقع الدور ميناء تجاريا حيث كان نقطة توقف رئيسية في الرحلات التجارية بين جنوب بلاد الرافدين وبلاد فارس والهند، وقد تم الإشارة إلى الموقع في المصادر اليونانية والرومانية بأنه قد يكون ميناء "عمانه". ويضم الموقع العديد من المباني الأثرية المميزة مثل معبد إله الشمس والحصن الدفاعي وعدد من المباني الحجرية والقبور الجماعية والفردية.
-منطقة شمل التاريخية . تعتبر منطقة شمل التاريخية في رأس الخيمة موقعاً ثقافياً غنياً يحتوي على ما يزيد على 100 مقبرة ومستوطنات تعود لما قبل التاريخ فضلاً عن قصر الزباء الذي يعود إلى القرون الوسطى، حيث يشير تاريخ بقاياه الأثرية البارزة إلى فترة "وادي سوق" (1600-2000 قبل الميلاد) والعصر البرونزي القديم (1300-1600 قبل الميلاد) والفترة الإسلامية الوسطى (القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلاديين). ويضم موقع "شمل" أكبر مجموعة من المدافن المغليثية في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية والتي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، إذ تتفرّد صروح المقابر الضخمة في فترة "وادي السوق" نسبةً إلى أحجامها، كما يتضمن الموقع مجموعة متنوعة من الأنماط المعمارية التي لا يوجد مثيل لها خارج إمارة رأس الخيمة.