الرئيس المعيّن لمؤتمر "COP28" يبدأ أولى جولاته العالمية للتشاور والاستماع لكافة الأطراف وإشراكهم في رفع سقف الطموح وتحقيق تقدم ملموس في العمل المناخي
الظفرة- وام/
أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، ضرورة اعتماد سياسات داعمة للعمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن لضمان انتقال في قطاع الطاقة يشمل الجميع ولا يترك أحداً خلف الرَكب.
جاء ذلك في أول زيارة دولية له عقب تكليفه بمهمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه دولة الإمارات أواخر العام الجاري.
وخلال كلمته أمام اجتماع وزراء الطاقة في آسيا الذي أقيم ضمن فعاليات أسبوع الهند للطاقة في مدينة بنغالورو الهندية، أشاد معاليه بالتعافي السريع للهند التي تعد الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالم من جائحة كوفيد، وكذلك بالطريقة التي تعاملت بها مع اعتماد سياسات داعمة للنمو وللعمل المناخي بشكل متزامن.
وقال معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر: "مع نمو اقتصاد الهند، فإنه يواجه المعضلة الأساسية التي تقف أمام العالم بأسره وهي كيف يمكن اعتماد سياسات داعمة للنمو وللعمل المناخي بشكل متزامن؟ وكيف يمكن توفير الطاقة للعالم الذي سيحتاج إلى زيادة استهلاكه منها بنسبة 30% بحلول عام 2050 بالتزامن مع حماية كوكب الأرض؟ باختصار، كيف يمكننا التركيز على خفض الانبعاثات، وليس خفض معدلات النمو والتقدم؟". وأضاف الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28 أن التحدي الماثل أمام العالم ضخم، وأن الفرص الاقتصادية المتاحة هي أيضاً كبيرة، مشيراً إلى التوجه إلى زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة ومساعي الهند للوصول إلى إنتاج 500 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ومؤكداً على أن دولة الإمارات لديها الاستعداد والرغبة والقدرة للشراكة مع جمهورية الهند.
وقال : " في العام الماضي، وبرغم حربٍ مستمرة، ومخاوف من الركود الاقتصادي، ومحاولات العالم المتواصلة للتعافي من جائحة كوفيد، تجاوَز الاستثمار العالمي السنوي في التكنولوجيا النظيفة للمرة الأولى مبلغ تريليون دولار. وهذا المسار مستمر بالنمو. ومعظم هذا النمو الجديد سيكون مدفوعاً بالاقتصادات الآسيوية الحيوية".
وأوضح معاليه أن دولة الإمارات أمضت العقدين الماضيين في العمل على تنويع مزيج الطاقة لديها، فاستثمرت في الطاقة النووية السِلمية، كما تستثمر حالياً في الهيدروجين، وتعمل على توسيع حصتها العالمية من الطاقة المتجددة إلى 100 غيغاواط على الأقل بحلول عام 2030، داعياً إلى مشاركة الجميع مع الإمارات ليتمكن العالم من مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة العالمية ثلاث مرات خلال السنوات السبع المقبلة.
وجدد التأكيد على أن السياسات يجب أن تأخذ في الاعتبار حقيقة أن الكثير من الناس، خاصة في دول الجنوب، لا يزالون يفتقرون إلى الطاقة أو لديهم إمكانية محدودة للغاية للحصول عليها.. مشدداً على ضرورة تلبية احتياجاتهم أثناء انتقال العالم إلى منظومة الطاقة الجديدة وتسريع التقدم في جميع جوانب العمل المناخي.
وأوضح معاليه أن النجاح في تحقيق هذا الهدف، في هذا الوقت الذي أصبح فيه الحوار حول قضية التغيّر المناخي يثير المزيد من الانقسام، يتطلب أن يتكاتف العالم معاً.
وقال: "نحن بحاجة إلى دعم دول الجنوب، حيث هناك نحو 800 مليون شخص لا يحصلون على كهرباء، وذلك ضمن انتقال شامل في قطاع الطاقة... نحتاج إلى القضاء على الافتقار إلى الطاقة، مع الحفاظ على هدف عدم تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية. ونحتاج أيضاً إلى أن ننتقل من الكلام عن وضع الأهداف، إلى تنفيذها. لهذا السبب، ندعو إلى أن يكون مؤتمر الأطراف COP28 مؤتمراً يركز على النتائج العملية ويحتوي الجميع".
وفي هذا العقد الحاسم بالنسبة للعمل المناخي، أكد معاليه على ضرورة الانتقال من الكلام عن وضع الأهداف، إلى الإنجاز، خاصةً في موضوعات: التخفيف، والتكيف، والتمويل المناخي، والخسائر والأضرار، مؤكداً أن التحدي ضخم، لكنه يمثل فرصاً متاحة بالحجم نفسه.
وشدد على أن الانتقال في قطاع الطاقة موضوع معقد يتطلب إعادة ترتيب الاقتصادات العالمية، وأشار إلى أنه برغم النمو الكبير للقدرة الإنتاجية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن الطاقة المتجددة في حد ذاتها لن تكون كافية لتلبية الطلب، خاصة لتحقيق الانتقال في القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها.
وأضاف أنه في غياب تحقيق إنجاز كبير في أنظمة تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، نحن بحاجة إلى تعزيز استثماراتنا في تقنية التقاط الكربون وتخزينه، والطاقة النووية، وجميع جوانب سلسلة قيمة الهيدروجين، موضحاً أن الإنفاق على هذه العوامل الأساسية لتمكين خفض الانبعاثات يبلغ أقل من 5% مما يتم إنفاقه على مصادر الطاقة المتجددة، لذلك لا بد من زيادة هذا الإنفاق.. وعندما يتعلق الأمر بالتغيير، فهذا ينطبق أيضاً على قطاع النفط والغاز.
ولفت إلى أن العالم لا يزال بحاجة إلى المواد الهيدروكربونية، وسيظل مضطراً إلى الاعتماد عليها خلال عملية الانتقال من نظام الطاقة الحالي إلى منظومة الطاقة الجديدة. وقال: "لا يمكننا إيقاف الاعتماد على نظام الطاقة الحالي قبل بناء المنظومة الجديدة. لذا، نحتاج إلى تقليل البصمة الكربونية لهذه الموارد، والاستثمار في النفط الأقل كثافة كربونية ومواصلة خفض كثافة انبعاثاته".
وأكد معاليه أنه سيعمل مع جميع القطاعات، بما في ذلك قطاع الطاقة لتسريع وتيرة خفض انبعاثات مصادر الطاقة الحالية وزيادة نمو بدائل الطاقة النظيفة ، مضيفاً أن قطاع الطاقة يعتبر جزءا لا يتجزأ من الحل اللازم لتحقيق الانتقال في القطاع.
وقال: "من خلال خبرتي ومعرفتي وعلاقاتي مع الشركاء والدعم غير المحدود من القيادة في دولة الإمارات، سأسعى إلى توحيد جهود قطاع الطاقة من أجل تسريع هذه العملية. كما سأعمل مع القطاعات الأخرى للمساعدة في تحويل الطلب سريعاً إلى بدائل قابلة للتطبيق بإمكانها الحلول محل خيارات الطاقة الحالية".
وذكر أن عملية الانتقال في قطاع الطاقة تتطلب تضافر جهود كافة فئات المجتمع في عملية تحتوي الجميع، بما في ذلك بالطبع قطاع الطاقة، موضحاً أن هذا لا يمثل تعارضاً في المصالح، فمن مصلحتنا المشتركة أن يعمل قطاع الطاقة إلى جانب كافة الأطراف لإيجاد الحلول التي يحتاج إليها العالم.
وشدد على ضرورة إشراك جميع أصحاب المصلحة القادرين على المساهمة في تحقيق تقدم أسرع من خلال الشراكة، قائلاً: "علينا حشد جهود جميع فئات المجتمع، بما فيها الحكومات والشركات، والعلماء والأكاديميون، ومنظمات المجتمع المدني والشباب. نحتاج إلى مشاركة كل فرد، وتحرك الجميع في الاتجاه نفسه، وأنا أعني بالفعل كل فرد. وأود أن أدعو جميع أصحاب المصلحة في مستقبلنا وكل من يمكنه المساهمة بتقديم الحلول، للانضمام إلينا والتعاون معنا، ومشاركتنا الأفكار".
وأكد على أن التقدم في العمل المناخي والانتقال في قطاع الطاقة يجب أن يحتوي الجميع ويقدم صفقة عادلة لدول الجنوب، موضحاً أنه: “من المتوقع أن تحقق عملية الانتقال في قطاع الطاقة أكبر تحول جذري في معدلات الازدهار الاقتصادي منذ الثورة الصناعية الأولى، لكن يجب أن يكون هذا الانتقال عمليّاً وعادلاً. وعند النظر إلى دول الجنوب نجد أن العدالة لم تتحقق إلا بقدر ضئيل حتى الآن، ونحتاج إلى التصدي لهذا بصورة مباشرة، فالتعهدات السابقة بشأن تمويل المناخ التي قطعها العالم كانت إما بمقابل أو لا تتحقق على الإطلاق. ونحن بحاجة للوفاء بهذه التعهدات. وفي الوقت ذاته، علينا العمل على إصلاح المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف. إننا نحتاج إلى حلول تمويلية بشروط ميسرة للمجتمعات الضعيفة في أنحاء العالم، من أجل تقليل المخاطر، وجذب المزيد من التمويل من القطاع الخاص، وتحويل المليارات إلى تريليونات”.
وأضاف أن رأس المال له دور رئيسي في دعم وتفعيل صندوق التعويض عن الخسائر والأضرار، ومضاعفة التمويل المخصص للتكيّف في المجتمعات الأكثر تعرضاً لتداعيات تغيّر المناخ، رغم أنها الأقل مساهمة في حدوثها.
يذكر أن اجتماع وزراء الطاقة في آسيا انعقد برعاية المنتدى الدولي للطاقة، الذي يسعى إلى تسهيل الحوار البنّاء بين الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة لتعزيز التنمية المستدامة الشاملة. وتأتي كلمة معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر في أولى جولاته الخارجية الهادفة إلى الاستماع لكافة الأطراف وإشراك جميع أصحاب المصلحة قبل انطلاق مؤتمر الأطراف COP28، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والعلماء والأكاديميون والمجتمع المدني والشباب، من أجل مواجهة تداعيات تغير المناخ.
وأكد معاليه في ختام كلمته على أهمية وضخامة المهمة التي تقع على عاتق العالم، داعياً كافة أصحاب المصلحة للمشاركة والتعاون وتبادل الأفكار من أجل إيجاد الحلول اللازمة في هذا العقد الحاسم بالنسبة للعمل المناخي، وقال: “إن المهمة التي تقع على عاتقنا بالغة الأهمية، وعلينا حشد جهود جميع فئات المجتمع، بما فيها الحكومات والشركات، والعلماء والأكاديميون، ومنظمات المجتمع المدني والشباب، لأن المهمة المطلوبة منا تمثل أكبر تحول في التطور البشري في كافة جوانب حياتنا، بدءاً من طرق إنتاجنا واستهلاكنا للطاقة، إلى كيفية زراعة طعامنا والحفاظ على مياهنا وأنظمتنا البيئية الطبيعية ”.
وأضاف معاليه: "أن رئاسة الإمارات لمؤتمر الأطراف مستعدة للإنصات والتفاعل، فلنواجه هذا التحدي ونحوله إلى فرصة استثنائية ولْنحقق معاً تقدماً وتحولاً جذرياً ودائماً وشاملاً للجميع".