هيئة البيئة في أبوظبي .. مبادرات رائدة في مجال مكافحة التغير المناخي
الظفرة - وام/
تواصل دولة الإمارات جهودها الرائدة في مجال مكافحة التغير المناخي وتنفذ مختلف المؤسسات مبادرات متنوعة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة استثمارات الطاقة النظيفة وتنفيذ مشاريع متنوعة في قطاع الطاقة المتجددة.
وتستعرض وكالة أنباء الامارات " وام" في التقرير التالي جهود هيئة البيئة - أبوظبي في مجال خفض الانبعاثات ومبادراتها المتنوعة في هذا الصدد ، حيث تتبنى الهيئة تقنيات عديدة تساعد في خفض البصمة الكربونية للإنتاج وللاقتصاد بشكل عام والتحول باتجاه الطاقة المتجددة أو تلك منخفضة الكربون.
وتشمل الحلول التقنية في قطاع النقل وتتضمن خيارات متعددة مثل زيادة عدد المركبات الكهربائية والنقل الجماعي واستخدام مصادر غير تقليدية كوقود مثل الهيدروجين وغيره أما في قطاعات إنتاج الماء والكهرباء فقد تكون الحلول في مجال الاستخدام أو في مجال الإنتاج ومنها على سبيل المثال زيادة نسبة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة في إنتاج الطاقة وتقليل الفاقد من الكهرباء والماء واستخدام تقنيات حديثة تعتبر أقل استهلاكاً للطاقة والتحول مثل تقنيات التناضح العكسي الموفرة للطاقة.
أما التقنيات الخاصة بمعالجة المتبقي من الانبعاثات وامتصاصه فتعمل الهيئة حالياً على تطوير الحلول الطبيعية لامتصاص الكربون من خلال توسيع الرقعة الخضراء وزراعة الأشجار ومن ضمنها أشجار القرم إضافة إلى استخدام تقنيات حديثة لالتقاط الكربون وتخزينه في باطن الأرض كتلك المعتمدة في مشروع “ريادة” والذي يعتبر من المشاريع الرائدة في مجال تجميع غاز ثاني أكسيد الكربون وحقنه في الآبار النفطية في باطن الأرض .
,توجد تقنيات جديدة قيد البحث والتطوير بالاعتماد على مزج مواد من الطبيعة برمال الشواطئ ومن خلالها يتم التفاعل مع موج البحر وينتج عن ذلك التقاط الكربون وتخزينه إلا أن جميع هذه التقنيات ذات إمكانات محدودة لمعالجة المتبقي من الانبعاثات لذلك لا بد من العمل بشكل أساسي على تقليل الانبعاثات وقبل البدء بالبحث عن حلول لامتصاص تلك الانبعاثات.
وتعمل الهيئة بالتعاون مع 8 جامعات أكاديمية بحثية مختصة في الدولة إضافة إلى عدد من المؤسسات الدولية ،وسيتم تطوير خطة بحثية استراتيجية خلال هذا العام لدعم الجهود البحثية القائمة وتحديد الأولويات والاحتياجات لسد الفجوات الحالية في مجال الأبحاث، كما سيتم تطوير القدرات والكفاءات الوطنية وتعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية لربط منظومة الأبحاث وتعزيز تكاملها خلال الفترة القادمة.
وفي إطار سعيها لتعزيز إجراء البحوث العلمية في القضايا المتعلقة بالبيئة في إمارة أبوظبي ، تعمل الهيئة على تأسيس شبكة أبوظبي للأبحاث البيئية والتي ستسعى من خلالها إلى تأسيس مجتمع متعدد التخصصات من الباحثين والمبتكرين للعمل معاً لتعزيز المعرفة العلمية حول البيئة والقضايا المتعلقة بها في إمارة أبوظبي.
وتهدف الشبكة إلى تسهيل تبادل الخبرات وتبني أفضل الممارسات وبناء الشراكات والتعاون في المشاريع البحثية و دعوة المتخصصين والعلماء والخبراء البيئيين للعمل معاً نحو سد فجوات المعرفة البيئية والتعاون معاً في إجراء البحوث المتخصصة باستخدام أحدث الأدوات العلمية وتقنيات التكنولوجيا المتقدمة.
من جهة أخرى وضعت دولة الإمارات وإمارة أبوظبي خارطة طريق وهدف للوصول إلى الصفر الصافي من الانبعاثات بحلول 2050 كأول دولة في المنطقة ، وتقوم الجهات المعنية في الإمارة بتطوير خطتها بالشراكة مع القطاع الخاص للتخفيف من الانبعاثات ، وتعمل جميع هذه الجهات على تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال برامج التوعية والتمكين حتى تتمكن الإمارة من تحقيق هذا الهدف الهام.
وأوضحت الهيئة أن صفر الانبعاثات الكربونية تعني أن إجمالي كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الأنشطة البشرية تكون مساوية للصفر أي أنه لا يتم إدخال أي كمية من غازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي، أما الصفر الصافي من الانبعاثات يعني خفض الانبعاثات إلى الحد الأدنى الممكن وموازنة المتبقي منها من خلال تقنيات إزالة الكربون الطبيعية مثل زراعة الأشجار التي لها قابلية لامتصاص الكربون مثل أشجار القرم أو عن طريق تقنيات إزالة الكربون الصناعية مثل التقاط الكربون من المصدر وإعادة استخدامه وتخزينه أو سحب الكربون من الهواء مباشرة وكذلك دعم المشاريع التي تؤدي إلى خفض الكربون.
ووفقا للهيئة فأن هناك عدة إجراءات يجب توفرها من أجل الوصول إلى الصفر الصافي من الانبعاثات تشمل تطوير مبادرات للتخفيف منها في القطاعات الرئيسية التي تتسبب بها مثلاً هناك إجراءات للتحول في الاعتماد على الطاقة الأحفورية إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء كالمشاريع التي قامت أو تقوم بها أبوظبي ومنها شمس أبوظبي ومشروع الظفرة وغيرها إضافة إلى تحديد مستهدفات طموحة جداً للتحول إلى الطاقة النظيفة والتي أعلنت عنها دائرة الطاقة مع هيئة البيئة في 2022 .
كما تتضمن التقنيات التي تقلل من انبعاثات العمليات الصناعية مثل مشروع ريادة بين شركة حديد الإمارات شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، والاعتماد على المواصلات منخفضة الكربون كتشجيع اعتماد المركبات منخفضة الانبعاثات والسيارات الكهربائية، وخفض كثافة الانبعاثات من قطاع النفط والغاز عبر عدد من المبادرات ومنها التحول إلى مصادر كهرباء من الطاقة النووية السلمية لخفض حرق الوقود في إنتاج الطاقة المستهلكة في عمليات شركة أدنوك ، وخفض الانبعاثات في قطاعات أقل تأثيراً مثل الزراعة والنفايات، أما في مجال إزالة الكربون المتبقي هناك إجراءات عديدة مبنية على الحلول الطبيعية كزراعة الأشجار أو تلك الخاصة باستخدام تقنيات الحقن في باطن الأرض حيث يتم التخلص بها من الكربون في قطاع النفط والغاز.
وتلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في تحقيق خفض الانبعاثات للصفر الصافي أو الحياد الكربوني ويمكن لتقنيات الطاقة المتجددة أن تحل محل الوقود الأحفوري في بعض القطاعات وتقلل من الانبعاثات الكربونية والمركبات الكهربائية ويمكنها المساعدة في تقليل الانبعاثات من قطاع النقل من خلال تطبيقها في قطاع النقل إضافة إلى ذلك يمكن لتقنيات الصناعة المتقدمة والمباني المستدامة خفض الانبعاثات في قطاعي الصناعة والمباني ويمكن للتكنولوجيا تمكين إزالة الكربون أو الانبعاثات السلبية من خلال وسائل مختلفة مثل إعادة احتجاز الكربون وتخزينه.
كما يمكن للتكنولوجيا مراقبة الانبعاثات وعمليات التخفيف منها وتتبعها والإبلاغ عنها وهو أمر ضروري لقياس مدى فاعلية التدابير التي يتم تطبيقها للوصول إلى الصفر الصافي من الانبعاثات وبشكل عام يمكن للتكنولوجيا تسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون من خلال توفير الحلول لتقليل الانبعاثات وتسهيل إزالة الكربون ومراقبة التقدم ومع هذا يجب للتكنولوجيا أن تكون مصحوبة بسياسات ولوائح لدفع هذا التحول.
وفي إطار التزامها برؤية الاستدامة لحكومة الإمارات تقود أبوظبي مجموعة من المشاريع للحد من تأثير تغير المناخ وبذلت الإمارة جهوداً كبيرة للوصول إلى استراتيجية طموحة وربطها بتحقيق الحياد المناخي للدولة 2050 وتركز الإمارة في استراتيجيتها على الريادة في العمل المناخي من تعزيز المرونة وخفض الانبعاثات وتؤمن أبوظبي أنه للمضي قدماً في تحقيق أهدافها لخفض الانبعاثات لا بد من اعتماد حلول مبتكرة منخفضة الكربون.
وخلال عام 2013 أطلقت الهيئة مشروع أبوظبي الإرشادي للكربون الأزرق بالتعاون مع شركاء رئيسيين مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة وقد ساهم المشروع في دراسة أهمية أشجار القرم ودورها في مكافحة التغير المناخي من خلال عزل الكربون وأهمية موائل الكربون الأزرق والنظم البيئية بما في ذلك " أشجار القرم والأعشاب البحرية والسبخات الملحية والحصائر الطحلبية والسبخات الساحلية الكربونية في أبوظبي.
وكشفت نتائج الدراسة أن أشجار القرم في أبوظبي تحتوي على 98 طنًا من الكربون لكل هكتار وهذا يعادل 1.7 مليون طن لمساحة 17,500 هكتار من أشجار القرم في أبوظبي وتم توسيع المشروع لاحقًا ليشمل الإمارات الأخرى في الدولة للتعرف على سعة تخزين أشجار القرم على المستوى الوطني.
وخلال عام 2020 تم تنفيذ " الدراسة التجريبية السنوية لعزل الكربون بأشجار القرم" لتقييم معدلات عزل الكربون في التربة في غابات أشجار القرم في الدولة ، وكشفت النتائج أن أشجار القرم تحبس الكربون بمعدل 0.5 طن لكل هكتار سنويًا وهذا يعادل 8750 طنًا لمساحة 17,500 هكتار من أشجار القرم في أبوظبي بالإضافة إلى مخزون الكربون المخزن في النظم البيئية لأشجار القرم.
وخلال “كوب26" أعلنت دولة الإمارات عن خطة وطنية لزراعة 100 مليون من أشجار القرم بحلول عام 2030 في حين وضعت أبوظبي في فبراير 2022 خططًا طموحة لترسيخ الإمارة كمركز عالمي للبحث والابتكار في دعم الحفظ من خلال إطلاق مبادرة القرم.
وتهدف المبادرة إلى توفير منصة لتطوير حلول مبتكرة لزراعة أشجار القرم والمساهمة في تخفيف آثار التغير المناخي والتوعية بأهميتها وضرورة استعادتها بالإضافة إلى إنشاء مشتل متطور لأشجار القرم في أبوظبي ليصبح مركزاً للأبحاث والدراسات.
وتعمل هيئة البيئة بالشراكة مع دائرة الطاقة على إحداث تحولٍ نوعي في مزيج الطاقة في أبوظبي لتحقيق انبعاثات كربونية أقل بكثير في الإمارة وذلك من خلال وضع لوائح تنظيمية جديدة تستهدف توليد نسبة كبيرة من الكهرباء في إمارة أبوظبي من مصادر نظيفة ومتجددة بحلول عام 2035 والتي تعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق تطلعات دولة الإمارات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.