الإمارات .. التزام ثابت بالاتفاقات الدولية للبيئة ترسيخاً للاستدامة وحماية لكوكب الأرض
الظفرة/
ترسم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والبروتوكولات الخاصة بالبيئة التي وقعت عليها دولة الإمارات مع المنظمات الدولية والإقليمية والكيانات البيئية، مستقبلاً مشرقاً للأجيال المقبلة؛ إذ تفتح آفاقاً جديدة لترسيخ الاستدامة ليس فقط على مستوى الإمارات، بل والعالم، بعد أن باتت هذه الاتفاقيات من أهم المحددات التي تنسج شكل العلاقات بين الدول.
وتسعى دولة الإمارات عبر توقيعها على المعاهدات الدولية البيئية المختلفة إلى وضع إطار عمل قوي ومرن في إطار القانون الدولي، الأمر الذي يساعد على وضع مبادئ تنظيمية متناغمة ترسم خارطة طريق مواجهة التحديات المناخية وترسخ استدامة الحياة على كوكب الأرض وتحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة.
ووقعت دولة الإمارات على أكثر من 30 معاهدة واتفاقية دولية وبروتوكولاً خاصاً بحماية البيئة والموارد الطبيعة، حيث يأتي ذلك في إطار سعيها لترسيخ الاستدامة في القطاعات كافة، والارتقاء بالحاضر، والتطلع إلى مستقبل مستدام مبني على الموازنة بين استحقاقات صون البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي وبين متطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي.
- فرص استثمارية خضراء
وتدرك دولة الإمارات دور الاتفاقيات البيئية في بناء جسور من التعاون الدولي المشترك الذي يعود بالكثير من الفرص الاستثمارية الخضراء على اقتصادات الدول المختلفة، بفضل مساهمة هذه المعاهدات في تطوير إجراءات حماية البيئة من التلوث، عبر تبني سياسات وإجراءات ملزمة للدول الأعضاء للحد من التأثيرات الضارة على البيئة.
وتسعى المعاهدات البيئية إلى تعزيز مفهوم الاستدامة، الذي يتعلق بتلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها، من خلال التزام الدول الموقعة على تنفيذ التدابير المستدامة، التي تضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي واستدامة الأنظمة البيئية.
وتوفر المعاهدات الدولية منصة للتعاون والتنسيق بين الدول للتعامل مع قضايا بيئية عابرة للحدود؛ إذ يمكن أن تسهم هذه المعاهدات في تشجيع التبادل المعرفي والتكنولوجي وإيجاد مصادر بديلة للتمويل بين الدول، وتعزيز التضامن الدولي في مواجهة التحديات البيئية المشتركة، كما تضع هذه المعاهدات آليات رقابية لضمان التزام الدول بتنفيذ التزاماتها، إذ تسهم في زيادة الشفافية والتغييرات الإيجابية في مجال حماية البيئة، وهو ما يسهم في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، وتعزيز استدامة الكوكب للأجيال الحالية والمستقبلية.
وتسعى دولة الإمارات عبر هذه الاتفاقيات إلى وضع سياسات كفيلة بإيجاد حلول مستدامة لكافة الضغوط والتحديات ذات الصلة باستدامة البيئة، ولذلك فقد أولت عملية الاستثمار في البيئة ومصادرها المتنوعة أهمية قصوى بين استثماراتها التنموية المتعددة في القطاعات المختلفة.
وأصبحت دولة الإمارات بفضل حرصها على ترسيخ التعاون بين الدول كافة في مجال البيئة، حجر أساس وشريكاً رئيسياً في المحافظة على استدامة البيئة وعلى الموارد الطبيعية على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى إيمانها الراسخ بأن تحقيق رفاهية المجتمع وتعزيز التنمية الاقتصادية لا يمكن أن يتحققا على حساب استدامة البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية.
ويعتبر اختيار دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر المقبلين بمدينة إكسبو في دبي، تقديراً لدورها الريادي في تعزيز العمل الجماعي لحماية الأرض والموارد وبالتالي ضمان مستقبل أفضل لأجيالنا في الحاضر والمستقبل، وكذلك رعاية المبادرات العالمية الرامية إلى حماية البيئة وإيجاد الحلول المناسبة لتحديات التغير المناخي على مستوى العالم.
ويبرز محور "الأثر" ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر "COP28"، التأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة في دولة الإمارات على مختلف المجالات، حيث تهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، وهو ما ينسجم مع أهداف الدولة من التوقيع على المعاهدات البيئية الدولية الرامية إلى ترسيخ الاستدامة في القطاعات كافة.
- حجر الأساس
ووضعت اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون وحماية البيئة البحرية من التلوث وبروتوكولها، حجر الأساس لمرحلة توقيع الدولة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة، وذلك في الأول من أبريل من عام 1979. وتستهدف الاتفاقية حماية البيئة البحرية والمحافظة عليها من خلال منع ومكافحة التلوث البحري الناجم عن قيام الإنسان، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بإدخال أي مواد أو مصادر للطاقة إلى البيئة البحرية يترتب عليها أو يحتمل أن تترتب عليها آثار ضارة كالإضرار بالمواد الحية وتهديد صحة الإنسان وإعاقة الأنشطة البحرية بما في ذلك صيد الأسماك وإفساد صلاحية مياه البحر للاستخدام.
وفي مارس 1998 وقعت دولة الإمارات على اتفاقية "بازل" بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، والتي تنظم نقل النفايات والنفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، ومحاربة الاتجار غير المشروع بها خاصة في الدول النامية، وحماية الصحة البشرية والبيئة عن طريق التحكم الصارم بالآثار المعاكسة التي قد تنتج عن توليد وإدارة النفايات الخطرة والنفايات الأخرى، وذلك عن طريق العمل على التقليل إلى أدنى حد ممكن من توليد هذه النفايات ومن الكميات التي تنقل منها ومعالجتها، والتخلص منها في أقرب نقطة ممكنة من مكان توليدها بطريقة سليمة بيئياً.
ويتبع الاتفاقية بروتوكول بشأن المسؤولية والتعويض عن الضرر الناجم عن نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، يهدف إلى تهيئة نظام شامل للمسؤولية والتعويض الكافي والفوري عن الضرر الناجم عن نقل النفايات الخطرة والنفايات الأخرى والتخلص منها عبر الحدود، بما في ذلك الاتجار غير المشروع في تلك النفايات.
- حماية الأوزون
ولتأكيد التزامها بالجهود الدولية الهادفة إلى المحافظة على طبقة الأوزون وحماية صحة الإنسان، انضمت دولة الإمارات في عام 1989 إلى اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال، بشأن المواد المستنزفة لطبقة الأوزون، وذلك بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم /204/11/، وتم إيداع وثيقتي انضمام الدولة إلى الاتفاقية والبروتوكول بتاريخ 13-12-1989.
وتركزت جهود الدولة على تنظيم استخدام المواد المستنفدة للأوزون، بما يتوافق مع نصوص اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال ذي الصلة، ومن خلال وضع التشريعات والقوانين والقرارات المنظمة لإجراءات إنتاج هذه المواد، كما كافحت الدولة الاتجار غير المشروع بالمواد المستنفدة للأوزون، ونظمت إجراءات التخلص منها، فضلاً عن تكثيف الجهود التوعوية للعاملين في القطاع الصناعي والأفراد.
وتعد دولة الإمارات من أوائل الدول المنضمة إلى الجهود الدولية الهادفة إلى إعادة تأهيل طبقة الأوزون، واستعادة قدرتها على توفير الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة بصحة الإنسان وبيئته.
- حماية الأنواع المهددة بالانقراض
وقعت دولة الإمارات على اتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض "السايتس CITES"، في عام 1990. وتستهدف الاتفاقية حماية الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الأنظمة الطبيعية على كوكب الأرض، من خلال مراقبة عمليات الإتجار الدولي في أي عينة من تلك الأنواع، أو أي جزء أو مشتقات من حيوان أو نبات منها. ويشمل الإتجار الدولي عمليات الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير والإدخال من البحر. وقد تم حصر الأنواع المهددة بالانقراض وإدراجها في ثلاثة ملاحق مرفقة بالاتفاقية جرى تصنيفها وفقاً لدرجة تعرضها للانقراض ودرجة الحماية المطلوبة لها.
كما وقعت دولة الإمارات في العام ذاته على بروتوكول حماية البيئة البحرية من التلوث الناجم من مصادر البر، في الكويت. ويستهدف البروتكول تنظيم عمليات التصريفات التي قد تصل إلى المنطقة البحرية من مصادر في البر في الدول التابعة للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، وعلى وجه الخصوص من خطوط الأنابيب والمنشآت البحرية الثابتة والمتحركة ومصادر أخرى من البر.
- الحد من التلوث البحري
وفي 16 يوليو 1990 وقعت دولة الإمارات على البروتوكول الخاص بالتلوث البحري الناجم عن استكشاف الجرف القاري، الذي يستهدف منع أو الحد من التلوث البحري الناجم عن استكشاف واستغلال موارد قاع البحر وباطن أرضه في منطقة المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية.
- كبح التدخلات البشرية الخطرة
وشهد العشرين من ديسمبر 1995 توقيع الإمارات على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تستهدف تثبيت تراكيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب الإنسان في النظام المناخي.
وتولي الاتفاقية اعتبارًا كبيرا للاحتياجات المحددة والظروف الخاصة بالبلدان النامية ولا سيما تلك المعرضة بشكل خاص للتأثر بالنتائج الضارة الناجمة عن تغير المناخ، وذلك من خلال التأكيد على مبدأ المسؤولية المشتركة.
ويعني تغير المناخ وفقاً للاتفاقية: "تغيراً في المناخ يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي والذي يمكن ملاحظته، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ، على مدى فترات زمنية متماثلة".
- مكافحة التصحر
ورسخت دولة الإمارات الجهود العالمية الرامية لمكافحة التصحر بالتوقيع في الحادي والعشرين من أكتوبر 1998 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وتسعى هذه الاتفاقية إلى مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف في البلدان التي تعاني من الجاف الشديد أو من التصحر، وبخاصة في إفريقيا، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات فعالة على جميع الأصعدة، مدعومة بتعاون دولي وترتيبات شراكة في إطار نهج متكامل متسق مع جدول أعمال القرن الـ21 بهدف الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة في المناطق المتأثرة.
وواصلت دولة الإمارات جهودها الرامية إلى ترسيخ استدامة الموارد الطبيعية بالتوقيع في الـ24 من نوفمبر من عام 1999، على اتفاقية التنوع البيولوجي والتي تستهدف صيانة التنوع البيولوجي واستخدام عناصره على نحو قابل للاستمرار والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية عن طريق إجراءات منها الحصول على الموارد الجينية بطريقة ملائمة، ونقل التكنولوجيات الملائمة ذات الصلة مع مراعاة كافة الحقوق في هذه الموارد والتكنولوجيات.
وحددت الاتفاقية التنوع البيولوجي بأنه "تباين الكائنات العضوية الحية المستمدة من كافة المصادر بما فيها، النظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية والأحياء المائية والمركبات الإيكولوجية التي تعد جزءاً منها، وذلك يتضمن التنوع داخل الأنواع وبين الأنواع والنظم الإيكولوجية".
- بروتوكول كيوتو
وقعت دولة الإمارات في 29 ديسمبر 2004 على بروتوكول كيوتو، الذي يقضي بإلزام الدول الصناعية بتخفيض مجموع انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 5% على الأقل مقارنة بما كانت عليه في عام 1990 خلال فترة الالتزام الأولى، أما الدول النامية فلم يرتب عليها البروتوكول أي التزامات جديدة.
ودعمت دولة الإمارات الجهود العالمية الرامية إلى الحفاظ على الأراضي الرطبة عبر الانضمام في الـ6 من فبراير 2007 إلى اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية – رامسار، التي خرجت إلى النور في ديسمبر 1975، وتستهدف المحافظة على الأراضي الرطبة وحسن استخدامها من خلال التعاون على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في العالم.
- اتفاق باريس
وانضمت دولة الإمارات إلى الاتفاقية الدولية لمنع التلوث البحري (ماربول 1978/1973)، في 27 أبريل 2007، وتستهدف الاتفاقية منع التلوث النفطي الناجم عن حركة السفن وعملياتها الروتينية والحوادث، بالإضافة إلى منع التلوث الذي قد ينجم عن المواد الكيمياوية والمواد الضارة ومياه المجاري.
وتوجت دولة الإمارات سعيها الحثيث إلى ترسيخ التعاون الدولي في مجال الحفاظ على استدامة البيئة بالتوقيع على اتفاق باريس في الثاني والعشرين من أبريل 2016، لمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية والذي يهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
وتضمن الاتفاق التزامات من جميع الدول لخفض انبعاثاتها والعمل معاً للتكيف مع آثار تغير المناخ، ودعا الدول إلى تعزيز التزاماتها بمرور الوقت.
ويوفر الاتفاق طريقاً للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة تغير المناخ مع إنشاء إطارٍ للرصد والإبلاغ الشفافَين عن الأهداف المناخية للدول، ويقدم إطاراً دائماً يوجه الجهد العالمي لعقود مقبلة، بهدف رفع مستوى طموح الدول بشأن المناخ بمرور الوقت. ولتعزيز ذلك، نصَّ الاتفاق على إجراء عمليتَي مراجعة، كل واحدة على مدى خمس سنوات.