عاجل

الإمارات توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة آثار التداعيات المناخية على البيئة

الظفرة

الظفرة/

تبنت دولة الإمارات توظيف التكنولوجيا والتقنيات الرقمية في مختلف القطاعات من أجل استثمار حلولها بهدف الارتقاء بجودة حياة الفرد والمجتمع والبيئة، وإحداث أثر إيجابي ينعكس على منظومة الفرص المستقبلية، وتمكنت من تحقيق إنجازات عديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تعكس الحرص على مواكبة المتغيرات العالمية وتسريع وتيرة التحول الرقمي والاستفادة من هذه التكنولوجيات في عملية بناء اقتصاد مستدام وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وشكّلت التحديات البيئية أحد أبرز القضايا التي تصدت لمواجهتها دولة الإمارات بإجراءات استباقية ومبادرات حكومية استطاعت عبرها تذليل الكثير من هذه التحديات باستخدام تكنولوجيات مبتكرة كان من أبرزها الاستفادة من مخرجات الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول كفيلة بالحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من تداعيات التغير المناخي.
وخصصت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي أطلقتها دولة الإمارات في العام 2017، جوانب مهمة للعناية بقطاع البيئة، من خلال تأسيس منظومة ذكية متكاملة تولت التصدي للتحديات التي تتعرض لها بيئة الإمارات، وتقديم الحلول المناسبة لها، ما رسخ موقع الإمارات باعتبارها نموذجاً رائداً في هذا القطاع. 
وتنسجم جهود دولة الإمارات لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الحد من تداعيات المناخ، مع محور الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، وتعكس جهود دولة الإمارات لخفض الانبعاثات الكربونية.
- طرق علمية.
وحرصت الجهات المعنية بقضايا البيئة والمناخ والموارد الطبيعية في دولة الإمارات، اتحادياً ومحلياً، على اتخاذ إجراءات ومبادرات استباقية تنسجم مع التزامها بالعمل على تخفيف تداعيات التغير المناخي، وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية، من خلال البحث عن أفضل الطرق العلمية في هذا المجال والاستفادة من التقنيات الحديثة وتسخير الذكاء الاصطناعي.
وتضمنت المجالات التي حرصت على تسخير الذكاء الاصطناعي في المجال البيئي محاور عدة قدمت إسهامات ملموسة في مجال رصد المتغيرات التي تطرأ على التربة والهواء والماء، والبحث عن أفضل الوسائل للحفاظ على هذه العناصر وتقليل الأضرار التي تعتريها.

كما ركّزت على تقديم حلول ترتقي بقطاع الزراعة للوصول به إلى معدلات تحقق متطلبات الأمن الغذائي المستدام على مستوى الدولة، مع تنويع أساليب إدارة النفايات باستخدام التقنيات الحديثة، والاستفادة من إعادة تدويرها في مشاريع بيئية نظيفة، بالإضافة إلى رفد هذا القطاع بابتكارات حديثة تستجيب للمتطلبات البيئية، وتكثيف الدراسات والأبحاث لإنشاء قواعد بيانات يمكن الاستفادة منها لوضع حلول متجددة ومستدامة للتحديات البيئية.
- ريادة عالمية.
شكّل الرصد البيئي محوراً مهماً من محاور التصدي للتحديات البيئية باستخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، وتميزت في هذا المجال هيئة البيئة – أبوظبي التي نفذت مشروعاً يعد الأول من نوعه على مستوى العالم لمراقبة التربة باستخدام أحدث تقنيات الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار.
كما كانت هيئة البيئة - أبوظبي من أولى الجهات التي استخدمت الذكاء الاصطناعي في مراقبة ورصد انبعاثات الملوثات الضارة ومستوياتها من خلال شبكة متطورة مكونة من 20 محطة ثابتة ومحطتين متنقلتين لمراقبة جودة الهواء في أبوظبي، تقوم كل محطة بقياس 17 عنصراً تتوزع بين ملوثات وأرصاد جوية بشكل مستمر كل دقيقة من خلال مجسات إلكترونية بحيث يتم مشاركة المعلومات التي يتم الحصول عليها مع الجمهور من خلال موقع الهيئة. 
في حين نفذت بلدية دبي العديد من البرامج والمشاريع التي تسهم في حماية التربة ومنها برنامج رصد نوعية التربة في مختلف مناطق الإمارة ولمختلف استعمالات الأراضي والذي يمكن من خلاله التعرف على حالة التربة من خلال توظيف أفضل الممارسات العالمية.
وتضم عجمان شبكة من المحطات المعتمدة لقياس جودة الهواء تتكون من 7 محطات موزعة على أنحاء الامارة، وهناك خطة مستقبلية لزيادة العدد إلى 10 محطات خلال السنوات القادمة، حيث حقق مؤشر جودة الهواء نسبة 93.48%، وفقاً للتقرير الصادر عن دائرة البلدية والتخطيط في عجمان.

وعلى صعيد حلول تحدي ندرة المياه فقد تمكنت هيئة البيئة – أبوظبي في عام 2009 من بناء أكبر خزان استراتيجي للمياه على مستوى العالم بأحدث التقنيات التكنولوجية، كما قامت في عام 2016 ببناء أول مركز للتحلية بالطاقة الشمسية على المستوى الإقليمي، وفي 2020 أطلقت الهيئة أول مرصد بيئي على مستوى الإمارات، وأول منهجية للمسرّعات البيئية على مستوى أبوظبي، بالإضافة إلى نجاحها في تقييم جودة التربة عام 2021 باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. 
إلى ذلك، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة، بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، مختبر الذكاء الاصطناعي الذي يعمل على تحديد مواقع تركيز الطاقة الشمسية ورصد وتحليل مستويات ومصادر ملوثات وجودة الهواء وتحديد مستوى جودة المياه، فضلاً عن رصد البيئة البحرية بالاعتماد على بيانات يومية من خلال الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة “ناسا” ووكالة الفضاء الأوروبية. 
- زراعة مستدامة.
وتعد الزراعة من أهم المجالات التي بادرت دولة الإمارات إلى وضع خطط للارتقاء بها، وتمثّل ذلك في إطلاق النظام الوطني للزراعة المستدامة الأول من نوعه لتعزيز الأمن الغذائي في دولة الإمارات، وتوظيف التكنولوجيا لرفع الإنتاجية الغذائية للقطاع الزراعي، والاستثمار في مجالات وآليات جديدة للزراعة باستخدام التقنيات الحديثة وإحداث تغييرات اسـتباقية في النظم الغذائية والزراعية وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة من المحاصيل الزراعية مع زيادة القوى العاملة في المجال الزراعي. 
وتعددت المبادرات الاتحادية والمحلية التي تركز على الاستدامة في قطاع الزراعة، حيث نفذت وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2021 مشروع الزراعة باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومة الزراعة الحديثة بالاستعانة بشباب من منتسبي الخدمة الوطنية. 
وفي عام 2015 تم بناء أول مركز للزراعة الملحية على مستوى أبوظبي، كما تم تدشين أكبر مزرعة في العالم للزراعة العمودية الداخلية في أبوظبي، في حين تعد مزرعة “بستانك” في دبي، أكبر مزرعة رأسية تعتمد على الزراعة المائية في العالم، وتستخدم تقنيات متطورة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة. 
- إنقاذ بيئي.
وفي مجال إدارة النفايات، أصدرت دولة الإمارات قرار مجلس الوزراء لسنة 2018 في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات، والذي يهدف إلى تنظيم عملية إدارة النفايات وتوحيد آليات وطرق التخلص السليم منها، بالاستناد إلى أفضل الممارسات والتقنيات المتاحة، بغرض حماية البيئة وتقليل الضرر على صحة الإنسان. 
وعملت هيئة البيئة – أبوظبي على تصميم وتطوير أنظمة وأدوات إلكترونية لترخيص وتقييم المخاطر والامتثال والإنقاذ البيئي لتحليل الوضع البيئي وترتيب الأولويات والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة. 
وشهدت دبي في يوليو الماضي تدشين المرحلة التشغيلية الأولى من مشروع مركز تحويل النفايات إلى طاقة في ورسان، والذي يُعد الأكبر والأكثر كفاءة عالمياً، باستخدام أحدث نظم التكنولوجيا ودون أي تأثيرات بيئية. 
كما دشنت “بيئة لإعادة التدوير” في الشارقة في أكتوبر الماضي، مرفقاً جديداً لإعادة تدوير النفايات التجارية والصناعية، وهو الأول من نوعه بالمنطقة الذي يستخدم الروبوتات المعززة بالذكاء الاصطناعي، فيما كشفت “بيئة تنظيف” في الشارقة عن توظيف نظام “رؤية المدينة” للارتقاء بنظافة المدن والشوارع باستخدام كاميرات 360 درجة تعمل بالذكاء الاصطناعي وتُثبت على مركبات جمع النفايات.
ويتواصل في أم القيوين تنفيذ مشروع محطة معالجة النفايات الصلبة وإنتاج الوقود البديل الذي تصل كلفته الإجمالية إلى نحو 132 مليون درهم، ويهدف المشروع إلى بناء وتشغيل نموذج فعال لعمليات الإدارة المتكاملة للنفايات في إمارتي عجمان وأم القيوين واستغلالها في إنتاج وقود بديل.
- أبحاث وابتكارات.
وفي مجال الأبحاث البيئية أجرت هيئة البيئة – أبوظبي العديد من الأبحاث والدراسات لفهم التنوع البيولوجي، ورصد النظم البيئية، والأنواع والمؤشرات البيئية معتمدة على أفضل العلوم والتقنيات الحديثة والحلول المبتكرة والمهارات الفنية، مستفيدة من أرشيفها الواسع حول البيانات البيئية الذي يتجاوز عمره 25 عاماً، حيث يمكن استخدام تحليلات البيانات التي يقودها الذكاء الاصطناعي لربط البيانات، ووضع الخطط والمبادرات المستقبلية. 
وانعكس حرص دولة الإمارات على الاستثمار في الابتكار التقني والإبداع للوصول إلى أفضل الحلول الذكية الكفيلة في تقديم أفضل الحلول للتحديات البيئية، وذلك من خلال مبادرات شهر الابتكار التي تطلقها الإمارات، مؤكدة تبنّيها نهج الابتكار لمواجهة التحديات البيئية، وتوظيف أحدث التقنيات وإجراء أبحاث ودراسات شاملة لفهم التنوع البيولوجي ورصد النظم البيئية والأنواع والمؤشرات البيئية، والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج بيانات دقيقة وموجزة يمكن استخدامها على نطاق أوسع لتطوير السياسات والمشاريع ذات الصلة لحماية البيئة والحفاظ عليها بشكل أفضل.