دائرة الطاقة تطلق تقرير "النظرة المستقبلية لقطاع الطاقة في إمارة أبوظبي 2050"
الظفرة/
أصدرت دائرة الطاقة في أبوظبي اليوم تقرير "النظرة المستقبلية لقطاع الطاقة في إمارة أبوظبي "2050، وذلك في الملتقى الذي نظمته في فندق ريتز كارلتون أبوظبي، بحضور معالي المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي، وعدد كبير من مسؤولي وممثلي الجهات الحكومية في الإمارة.
ويعد التقرير أول مخطط شامل يرسم الرؤية المستقبلية لتحقيق الحياد المناخي في الإمارة ويدعم التحوّل في الطاقة بشكل متوازن وفعّال، كما يقدم لصناع القرار والأطراف المعنية ثلاثة سيناريوهات مختلفة وطرق مشاركة واسعة النطاق للمساهمة في تسريع الجهود الوطنية لتحقيق المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050.
ويتماشى التقرير الجديد مع “ميثاق الانتقال للحياد المناخي من COP28”، الذي يهدف إلى حشد جهود كافة القطاعات الاقتصادية والمجتمعية للالتزام بتعهد وطني بخفض انبعاثات الكربون وصياغة خطة انتقالية واقعية لتحقيق الحياد المناخي.
ويوضح التقرير الشكل الذي يبدو عليه عدد من القطاعات الرئيسية مثل الصناعة والطاقة والنقل والمباني في أبوظبي في ظل وجود سياسات أكثر طموحاً وابتكارات تكنولوجية للمساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية الخضراء على مدى العقود الثلاثة المقبلة.
وأكد معالي المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي، أن تقرير النظرة المستقبلية لقطاع الطاقة سيكون بمثابة الحافز لتطوير سياسة الحياد المناخي بشكل تدريجي في جميع القطاعات الاقتصادية، واستكمال اللوائح والسياسات الحالية وتنسيق الجهود من أجل اتباع نهج موحد لإزالة الكربون في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال معاليه: "يقدم هذا التقرير رؤية طموحة ومساراً واضحاً نحو أهدافنا الخضراء، ومن المهم التأكيدعلى أن السيناريوهات المذكورة في التقرير مصممة لتحقيق التغيير المستدام وتشكيل جهود الانتقال إلى الحياد المناخي، وذلك من منظور استرشادي وليس توجيهي. ولتحقيق هذا النوع من التحول الاجتماعي-الاقتصادي في ظل ملف التغير المناخي على مستوى الإمارة والمستوى الوطني، علينا أن نعزز جهود كافة الأطراف المعنية ذات الصلة. لا يتعلق الأمر بالحد من الخيارات، وإنما بتحقيق النتائج المناسبة والمخرجات المرجوة معاً، من خلال التخطيط والحوار والاتفاق والتنسيق".
وأوضح معاليه أن دائرة الطاقة قامت بصياغة التقرير بعد عام كامل من الجهود المكثفة التي شملت وضع النماذج وجمع الرؤى والتشاور مع مختلف الشركاء والأطراف المعنية من القطاعين العام والخاص في أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، وسيتم تقييم التقرير وتحديثه بشكل دوري تماشياً مع التقدم في مسيرة الحياد المناخي والتغيرات في الأسواق والتقدم التكنولوجي.
وكانت دائرة الطاقة في أبوظبي قد قامت بوضع عدد من السياسات والأنظمة واللوائح التنظيمية لتسريع وتيرة إزالة الكربون في دولة الإمارات وهي الأهداف الاستراتيجية للطاقة النظيفة 2035، والسياسة التنظيمية لشهادات الطاقة النظيفة، وسياسة إنتاج الطاقة من النفايات، والسياسة التنظيمية الخاصة بالبنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية في أبوظبي، وسياسة إدارة المياه في محطات تبريد المناطق، وسياسة المياه المعاد تدويرها، واستراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وترشيد استخدام الطاقة 2030، بالإضافة إلى تقديم عدد من المبادرات في مواضيع مثل الهيدروجين وإعادة هيكلة السوق وأدوات النمذجة المتطورة مثل (مكعب الطاقة) التي تساعد على تحسين عملية صنع القرار ووضع السياسات.
ومع ذلك، فإن التقرير يدعو إلى صياغة سياسات أكثر طموحاً في مجال الطاقة والمناخ حتى تتمكن دولة الإمارات من الوفاء بالتزاماتها في اتفاق باريس للمناخ 2015.
وقال المرر: "حققنا بالفعل نسبة 40% من الاعتماد على الطاقة المتجددة في أبوظبي، ونهدف إلى توفير كهرباء من مصادر نظيفة بنسبة 60% بحلول عام 2035، واقتصاد محايد للكربون بحلول عام 2050. كما نعمل على تعزيز الابتكار في مجال إعادة استخدام المياه، وبحلول عام 2024، نأمل ألا تُهدَر قطرة ماء واحدة في إمارة أبوظبي."
ويستند التقرير إلى ثلاثة سيناريوهات مختلفة لكنها متجانسة، يرتكز أحد هذه السيناريوهات على نهج العمل المعتاد بينما تتجه السيناريوهات الأخرى نحو تحقيق أهداف الحياد المناخي بحلول عام 2050. ومع ذلك، يتأثر كل سيناريو بعاملين أساسيين هما مستوى طموح السياسة وتبني التطوّر التكنولوجي.
وفي سيناريو الالتزام بالسياسات الحالية، تحافظ أبوظبي على نطاق واسع على المستوى الحالي من الالتزامات والسياسات المعتمدة بشأن الطاقة، يفترض التقرير أنه بحلول عام 2050 سيتم تبني مصادر الطاقة المتجددة بشكل معتدل، وسيظل الغاز الطبيعي يهيمن على استخدام الطاقة في القطاع الصناعي دون تبني تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق واسع للتخفيف من الانبعاثات.
في الوقت نفسه، ستتبنى قطاعات النقل والمباني إجراءات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بشكل تدريجي فقط، حيث يقود الاقتصاد والتكاليف بالقرارات المتعلقة بتبني المستويات المختلفة ومن ناقلي الحركة في المركبات وأنظمة إدارة الطاقة في المباني وما إلى ذلك.
هذا هو السيناريو الأدنى طموحاً مع استيعاب محدود للغاية للتكنولوجيات الناشئة، ويتركز على القدرة التنافسية من حيث التكلفة على المدى القصير على الاستدامة البيئية، والنمو الصناعي على المدى الطويل.
بشكل عام، تفترض دائرة الطاقة أن مستقبل الطاقة النظيفة سيؤدي إلى خفض مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أبوظبي بنسبة 29% فقط بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2021.
وفي سيناريو الحياد المناخي، ستواصل أبوظبي تحسين مجموعة من السياسات الطموحة والتوسّع فيها لسد الفجوة الحالية في أهدافها المتعلّقة بالحياد المناخي، وخفض الانبعاثات بنسبة 100٪ بحلول عام 2050.
في قطاع الطاقة، يتوقع التقرير اعتماداً واسع النطاق لتقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه في جميع محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي، مدعومة بالتطور السريع لمصادر الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى.
ستخطو القطاعات الصناعية الأخرى الخطوات نفسها، في حين سيتبنى قطاع النقل تدابير الاعتماد على الطاقة الكهربائية ومصادر وقود بديلة، إلى جانب بذل جهود مكثفة لتعزيز كفاءة الطاقة ومزيج الطاقة النظيفة في المباني في إمارة أبوظبي.
هذه النتيجة ستشتمل على مستوى متوسط من التطور التكنولوجي (تطبيق أبرز التقنيات الناشئة على نطاق واسع)، والاستخدام المتسارع لتقنيات التخفيض مثل التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه لتسريع وتيرة خفض الانبعاثات.
تبني نموذج التحوّل التكنولوجي الشامل هو السيناريو الأكثر طموحاً واعتماداً على التكنولوجيا.
يتصور هذا السيناريو التغييرات كافة التي تم استكشافها في سيناريو الحياد المناخي ولكن بوتيرة متسارعة ومعززة.
يشمل هذا السيناريو ممارسات استدامة الطاقة المتاحة والتكنولوجيا الناشئة كافة، مع الاعتماد على تقنيات تخفيض الانبعاثات بطريقة محدودة.
يتصور هذا السيناريو استخداماً مكثفاً لمصادر الطاقة المتجددة، وزيادة الاعتماد على الطاقة الكهربائية على مستوى القطاعات المختلفة، واستخدام مصادر الطاقة والوقود البديل، والاستخدام الواسع لضوابط البناء الذكية.
وتواصل دائرة الطاقة التأكيد على أهمية تعزيز التعاون والشراكات باعتبار ذلك هو المفتاح للاستثمار في التقنيات الناشئة وتطبيقها على نطاق واسع عبر مختلف القطاعات، ويمتد هذا الموقف خارج إمارة أبوظبي بالإشارة إلى ميثاق الانتقال للحياد المناخي 2050 لحكومة الإمارات العربية المتحدة، والذي تم التوقيع عليه من قبل كافة الإمارات السبع في مارس 2023.
وبالمثل، تلتزم الجهات الحكومية على المستوى الوطني وعلى مستوى الإمارة بتطوير سياسات طاقة تسمح للمؤسسات العامة والخاصة بالعمل جنباً إلى جنب، وذلك من أجل إيجاد الحلول المثلى للتحديات التي تأتي مع الاعتماد المتسارع للتكنولوجيا والتحوّل الاقتصادي السريع بالمثل، من خلال العديد من السياسات، مثل السياسة التنظيمية الخاصة بالبنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية في أبوظبي التي أصدرتها دائرة الطاقة، ومخطط شراء وتصنيع المنتجات الخضراء التي أصدرها مكتب تنمية الصناعة، فإن التركيز في سياسات الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة هو إلهام وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في الوصول إلى الحياد المناخي، مع الحرص على مراعاة التحديات الخاصة بالقطاع.
وبناءً على ذلك، يوفر التقرير إطاراً للسياسة المستقبلية لتوفير سيناريو لكيفية تحقيق أهداف الحياد المناخي المتنوعة وذلك من منظور استرشادي ومرن في الوقت نفسه.
وبينما يعرض التقرير الإمكانيات والفرص المرتبطة بهذه الرؤية الطموحة، فإنه يشير أيضاً إلى التحديات الكبيرة المرتبطة بسيناريوهات الحياد المناخي والتحوّل التكنولوجي.
وأوضح معالي المهندس عويضه مرشد المرر: "بناء هذا النوع من الاقتصاد المحايد مناخياً أمر معقد جداً، ولا شك أن التحديات التي نواجهها سوف تنمو وتتطور بما يتماشى مع التقدم في الابتكارات التكنولوجية. بعض هذه التحديات سيعتمد على مدى إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية وتوفير التقنيات الرئيسية، في حين يمكن التخفيف من حدة بعض التحديات الأخرى بشكل مباشر من خلال السياسات الاستباقية وتعزيز التعاون المشترك. على سبيل المثال، من الممكن أن تستثمر أبوظبي بشكل أكبر في تطوير كوادرها الشابة، وتعميق التعاون الدولي في أهم مجالات البحث والتطوير وتعزيز مشاريع البنية التحتية الرئيسية مثل الهيدروجين وخطوط أنابيب ثاني أكسيد الكربون أو محطات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه. وعلى الرغم من حدة الصعوبات والتكاليف المرتبطة باعتماد تقنيات محايدة مناخياً، فإننا سنجني العديد من الفوائد كإمارة وكدولة وكمجتمع عالمي مستقبلاً".