السياحة الزراعية في الإمارات.. مروج خصبة تدعم استدامة البيئة وتوفر فرصاً استثمارية واعدة
الظفرة/
استطاعت دولة الإمارات حجز مكان لها على خارطة السياحة إقليمياً وعالمياً، نظراً لما توفره من مقاصد سياحية ملفتة، وأفكار إبداعية تجذب الزوار إلى كنوز تحفل بها الدولة لا سيما كنوز الطبيعة.
وتولي دولة الإمارات؛ السياحة الزراعية، أهمية كبيرة، حيث يعمل هذا النوع من السياحة على إبراز كنوز المزارع المحلية، وما تتمتع به دولة الإمارات من مساحة زراعية مزدهرة ومتطورة، ومزارع خاصة تضم أشكالاً مختلفة ومتنوعة من النباتات والأنواع الحيوانية، التي تعمل على تعزيز الاستدامة وحماية الحياة الفطرية.
وضمن دورها في إبراز المواقع السياحية والترويج للسياحة ضمن القطاعات البيئية في الإمارات، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة محور السياحة الزراعية ضمن المشروع الوطني للسياحة البيئية الذي أطلقته الوزارة في عام 2019 تحت شعار " كنوز الطبيعة في الإمارات".
ويتميز مشروع السياحة الزراعية بكونه يسلط الضوء على إبداعات أصحاب المزارع المحلية للاستفادة منها والوقوف على الممارسات والخبرات التي يتبعونها، والاطلاع على أنماط الزراعة التقليدية والحديثة، والتعرف على التقنيات المستخدمة فيها، بالإضافة إلى الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية المتوافرة في العديد من المزارع النباتية والحيوانية في الدولة، مع إتاحة الفرصة أمام الزائرين لشراء ما يحتاجونه من منتجات نباتية وحيوانية من المصدر مباشرة بتكلفة معقولة وجودة عالية.
ويروج محور “سياحتنا الخضراء” ضمن حملة استدامة وطنية لأبرز الوجهات السياحية المستدامة في دولة الإمارات، حيث تستهدف الحملة التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، الذي تستضيفه الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر الماضي وحتى 12 ديسمبر الجاري في مدينة إكسبو دبي، إلى نشر السلوكيات الإيجابية نحو البيئة وتعزيز الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية.
- مقومات جديدة.
وتهدف السياحة الزراعية إلى رفد المشروع الوطني للسياحة البيئية بعناصر ومقومات جديدة لتعزيز مكانة الدولة على خريطة السياحة البيئية العالمية، ورسم خريطة واضحة لأهم المعالم البيئية والزراعية في الدولة بما يسهل مهمة حمايتها والحفاظ عليها عبر منظومة تشريعية وقانونية متكاملة ومبادرات وبرامج تعمل على دعمها وتطويرها وضمان استدامتها، كما يهدف هذا النوع من السياحة إلى ربط الجمهور مع الطبيعة، ورفع الوعي بالممارسات الزراعية في الدولة وجودة الغذاء، وتشجيع المزارعين على تطوير وتوسعة نشاطهم عبر خلق دخل مالي إضافي، بالإضافة إلى تحفيز الجمهور على تبني سلوكيات الزراعة المجتمعية.
وتسعى وزارة التغير المناخي والبيئة من خلال هذا المشروع إلى إعادة زراعة بعض النباتات وإحياء الممارسات المستدامة التي كانت تستخدم في الماضي، كما تستهدف تعزيز أنواع هذا المفهوم السياحي البيئي ومنها السياحة الزراعية المباشرة للتسوق، والسياحة الزراعية للخبرة والتعليم، والسياحة الزراعية للأنشطة والترفيه.
وضمن المرحلة الأولى من محور السياحة الزراعية تم اختيار عدد من المزارع التي توفر تجربة سياحية فريدة من نوعها في الدولة ويصل عددها إلى 23 مزرعة من أجل تثقيف الزوار والمساهمة في زيادة الطلب على المنتجات والمحاصيل المزروعة محلياً.
وشملت معلومات المرحلة الأولى إضافة كل البيانات والصور والمواد الفيلمية اللازمة حول هذه المزارع من المساحة، والأنشطة المقدمة، والوسائل المتوافرة، وأنواع المنتجات المباعة، والشروط والأحكام للزائر، وساعات العمل وخريطة الموقع، وبيانات التواصل، والرسوم، لتعريف الجمهور بها، إلى موقع وزارة التغير المناخي والبيئة الإلكتروني، وضمن تطبيق السياحة البيئية الذكي.
- ريادة عالمية.
ونجحت الإمارات في ترسيخ المكونات الرئيسية لنمو قطاع السياحة باحتلال المركز الأول عالمياً في مؤشر أولوية قطاع السياحة والسفر لدى حكومة الدولة، ومؤشر استدامة التنمية في قطاع السياحة والسفر، ومؤشر فعالية التسويق لجذب الزائرين، ومؤشر البنية التحتية لقطاع السياحة، ومؤشر تواجد كبرى شركات تأجير السيارات، ومؤشر جودة الطرق، إضافة إلى المركز الثاني عالمياً في مؤشر الأمن والأمان، والمركز الثالث عالمياً في مؤشر البنية التحية لقطاع الطيران.
وتشكل السياحة واحداً من أبرز مقومات اقتصاد دولة الإمارات واستراتيجيتها المستقبلية لتنويع مصادر الدخل، حيث تُقدر مساهمة هذا القطاع الحيوي في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 161 مليار درهم، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 10.6% بحلول عام 2027، بزيادة سنوية قدرها 3.9%، لترتفع مساهمة القطاع إلى 234.2 مليار درهم.
وتهدف دولة الإمارات إلى أن تكون رائدة في مجال السياحة المستدامة، من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتحقيقاً لهذه الغاية، فإنها تلتزم بتعزيز التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، والعمل على معالجة التحديات التي تواجه هذا القطاع، وتطوير أدوات وبرامج التوعية البيئية.
- تجارب فريدة.
وفي أبريل 2023 أصدر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، بصفته رئيساً لمجلس إدارة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، قراراً باعتماد 71 نشاطاً اقتصادياً يمكن ممارستها في المزارع، منها نشاط تأجير بيوت العطلات لدعم القطاع السياحي والترويج للتراث الإماراتي العريق، إضافةً إلى أنشطة أخرى داعمة للقطاع الزراعي بشقَّيه النباتي والحيواني والأنشطة الغذائية، ما يسهم في تعزيز التنمية الزراعية المستدامة.
وتتضمَّن قائمة الأنشطة الاقتصادية المسموح بمزاولتها في الأراضي الزراعية 4 فئات، هي الأنشطة المرتبطة بالشق النباتي وعددها 21 نشاطاً اقتصادياً، إضافةً إلى 24 نشاطاً اقتصادياً مرتبطاً بالشق الحيواني، بينما اُعتُمِدَ 18 نشاطاً اقتصادياً مرتبطاً بالقطاع الغذائي ضمن قائمة الأنشطة التي يمكن ممارستها في الأراضي الزراعية، إضافةً إلى 8 أنشطة مرتبطة بقطاع الترفيه والثقافة والسياحة، أبرزها نشاط تأجير بيوت العطلات، وتستهدف دعم القطاع السياحي والتعريف بالتطوُّر الحضاري لقطاع الزراعة في إمارة أبوظبي.
ويستهدف القرار تنظيم وتسهيل ممارسة الأنشطة الترفيهية والسياحية المقامة في الأراضي الزراعية، ما يجعل من المزرعة مشروعاً استثمارياً ناجحاً وتجربةً تعليميةً وترفيهيةً وتراثيةً تدعم القطاع السياحي في إمارة أبوظبي.
وتوفر الكثير من المزارع تجربة سياحية فريدة، حيث يساهم تنظيم وترخيص نشاط تأجير بيوت العطلات في إمارة أبوظبي في تفعيل نشاط السياحة الزراعية.
- موقع إلكتروني مصغر.
وتحرص وزارة التغير المناخي والبيئة على دعم زراعة النباتات المحلية، بمبادرات اجتماعية فاعلة، حيث أطلقت في 2019 “مبادرة غِراس” التي تتمثل في موقع إلكتروني مصغر يتضمن معلومات مفصلة عن النباتات المحلية المستهدف زراعتها وتنميتها ضمن استراتيجيتها للحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استدامة الموارد الطبيعية للبيئة، وتشكل خطوة داعمة لتوفير جميع المعلومات التي يحتاجها الجمهور حول هذه النباتات وكيفية الحصول على بذورها وشتلاتها وخطوات زراعتها.
ويوفر موقع “غراس” قاعدة بيانات معرفية باللغتين العربية والإنجليزية، كما يتضمن الموقع المتوفر على الموقع الإلكتروني للوزارة معلومات مفصلة وصوراً للنباتات المحلية تضم أسماءها العلمية والمحلية المتداولة، والوصف النباتي لها والذي يشمل أطوالها وشكلها وألوانها، ومواسم زراعتها وازدهارها، إضافة إلى أماكن ومشاتل توزيع وبيع بذورها وشتلاتها على مستوى الدولة والبالغ عددها 54 مشتلا بتفاصيل التواصل معها، كما تضم قائمة النباتات المحلية التي تشملها المبادرة 72 نوعاً.