بالمركبات الذكية والمستدامة.. الإمارات تختصر المسافات برا وبحرا وجوا
الظفرة/
مع بدء التجارب التشغيلية لخدمة التاكسي الجوي في دبي العام 2025، تمهيداً لتدشينها تجارياً في عام 2026، ستكون الإمارات من الدول السباقة عالميا في استخدام المركبات الذكية والمستدامة في مختلف مجالات قطاع النقل البرية والبحرية والجوية.
الحديث عن هذا الإنجاز الأقرب إلى الخيال، بات أمرا واقعيا بعدما شهدت "القمة العالمية للحكومات 2024"، توقيع هيئة الطرق والمواصلات في دبي، اتفاقية إطلاق خدمة التاكسي الجوي في دبي بحلول عام 2026، مع كل من الهيئة العامة للطيران المدني (GCAA)، وهيئة دبي للطيران المدني (DCAA)، وشركة سكاي بورتس انفراستركتشر البريطانية (Skyports Infrastructure) لتطوير البنية التحتية للنقل الجوي المتقدم، وشركة جوبي للطيران الأمريكية (Joby Aviation) المتخصصة في تطوير التاكسي الجوي، لتصبح دبي أول مدينة في العالم تتمتع بالنقل الجوي التجاري عبر التاكسي الجوي الكهربائي في المناطق الحضرية ومن خلال شبكة متطورة للإقلاع والهبوط العمودي.
وسيحمل التاكسي الجوي اسم "جوبي S4"، وسيتسع لأربعة ركاب بالإضافة لقائده، ويمتاز بمواصفات أمان وسلامة عالية، وذلك بفضل تصميمه الذي يحوي 6 مراوح، و4 حزم من البطاريات، تمنحه القدرة على الطيران لمسافة 161 كيلومترا، وبسرعة تصل إلى 321 كيلومترا في الساعة.
كما يمتاز التاكسي الجوي، بمستوى ضجيج منخفض مقارنة بالطائرات المروحية، ويمكنه الطيران في المناطق الحضرية بكل كفاءة حيث يتمتع بخاصية الإقلاع والهبوط العمودي ما يوفر في المساحة الأفقية المطلوبة للمحطات.
وسط المدينة (منطقة داون تاون)، ودبي مارينا، ونخلة جميرا، إضافة إلى جانب مطار دبي الدولي، هي المواقع الأربعة التي سيتوجب على سكان دبي وزوارها من حول العالم التوجه إليها في المرحلة الأولى من المشروع للتمتع بهذه الخدمة الفريدة من حيث المتعة، والأمان، وأيضا السرعة، فعلى سبيل المثال يُتوقع أن تستغرق الرحلة من مطار دبي الدولي إلى نخلة جميرا قرابة 10 دقائق، مقارنة بنحو 45 دقيقة بالسيارة.
وفي مجال النقل البحري، شهدت دبي في مايو الماضي التشغيل التجريبي لأول عبرة كهربائية ذاتية القيادة، تتسع لثمانية ركاب، صُنعت محلياً، وروعي في تصميمها الحفاظ على الهوية التراثية للعبرة.
وتتميز العبرة الكهربائية ذاتية القيادة، بصفر انبعاثات كربونية، وانخفاض كلفة التشغيل والصيانة بنسبة 30%، وانعدام الضجيج مقارنة بالعبرات التي تعمل بالديزل.
وتم تزويد العبرة بمحركين كهربائيين، ووصلت سرعتها القصوى إلى سبع عقد، كما زودت بنظام تحكم ذاتي القيادة، وأربع بطاريات ليثيوم، قادرة على تشغيلها لمدة سبع ساعات.
وعلى مستوى النقل البري، تتعدد الشواهد التي تثبت أسبقية الإمارات وريادتها العالمية في تسخير المركبات الذكية والمستدامة لبناء منظومة حضارية للنقل العام في الدولة.
ففي إمارة أبوظبي يمضي مشروع التنقل الذكي في جزيرتي ياس والسعديات بخطوات متسارعة، وقد بلغ قوام المشروع حتى ديسمبر الماضي 17 مركبة ذاتية القيادة تعمل تحت العلامة التجارية "TXAI" ضمن شبكة مسارات تتوزع على مواقع مختلفة في الجزيرتين.
وسجلت المركبات ذاتية القيادة منذ إطلاقها في نوفمبر 2021 حتى نهاية أغسطس الماضي 26 ألف حجز عبر التطبيق الذكي "TXAI"، قطعت خلالها مسافة تجاوزت 200 ألف كلم ضمن جزيرتي ياس والسعديات، ولم تسجل خلالها أي حوادث مرورية.
وبدأت مدينة أبوظبي في أكتوبر الماضي تشغيل حافلات كهربائية جديدة ذاتية القيادة تشبه الترام، لكن دون سكة حديدية حيث تسير على الطرقات الاعتيادية، وتعمل أيام الجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع.
وبالانتقال إلى دبي، أجرت هيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة كروز المتخصصة في تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة، في أكتوبر الماضي، اختبارا تحت الإشراف لهذا النوع من المركبات من طراز شيفروليه بولت في منطقة "جميرا 1".
وشهدت السنوات الماضية العديد من تجارب تشغيل المركبات ذاتية القيادة في مجال النقل البري على مستوى الدولة، حيث بدأت إمارة دبي في سبتمبر 2018 بتشغيل مركبة ذاتية القيادة للنقل الجماعي في شوارع المدينة المستدامة الواقعة في منطقة دبي لاند، وفي أبريل 2019، أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أول سيارة أجرة ذاتية القيادة في شوارع واحة السيليكون وصلت سرعتها إلى 35 كيلومترا في الساعة.
وسجلت المدينة الجامعية بالشارقة في أكتوبر 2020 نجاح الاختبار التجريبي لحافلات النقل الكهربائية ذاتية القيادة "نافيا أوتونوم"، كما شهدت الشارقة في العام ذاته استخدام سيارة ذاتية القيادة وظفتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتوزيع المنتجات الطبية الوقائية على سكان أحد المجمعات السكنية.
بدورها طورت إمارة عجمان في مايو 2019 حافلة نقل عام ذاتية القيادة للسير في شوارعها، تعتمد على تقنيات القيادة الذاتية ودمج الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في عملية التحكم الكامل بها دون أي تدخل بشري.
وتعد الإمارات في طليعة دول العالم المرشحة لأن تصبح وسائط النقل المستدامة والذكية جزءاً معتاداً من تفاصيل الحياة اليومية فيها، وذلك بناء على قياس مؤشرات السياسات والتشريعات ذات الصلة، والتكنولوجيا والابتكار، فضلاً عن أهلية البنية التحتية، والثقة والقبول من قبل المستهلك.
واعتمد مجلس الوزراء في يوليو الماضي أول رخصة وطنية أولية للمركبات ذاتية القيادة في طرقات الدولة منحت لشركة "WeRide" المتخصصة بهدف البدء في اختبار أنواع المركبات ذاتية القيادة كافة في الدولة.
كما اعتمد المجلس السياسة الوطنية للمركبات الكهربائية التي تتضمن بناء شبكة وطنية لأجهزة شحن هذا النوع من المركبات، وتنظيم سوقها، وتحفيز الصناعات المرتبطة بها بما يضمن خفض الانبعاثات وتقليل استهلاك الطاقة والحفاظ على جودة الطرق التي تتميز بها دولة الإمارات.
بدوره اعتمد المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، خطة إنشاء مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة في إمارة أبوظبي الذي سيسهم في إضافة ما بين 90 و120 مليار درهم إلى الاقتصاد الوطني بحلول 2040، وما بين 30 ألفا و50 ألف فرصة وظيفية.
من جانبها أصدرت إمارة دبي "قانون تنظيم تشغيل المركبات ذاتية القيادة" بهدف تحقيق إستراتيجية الإمارة في التنقل الذكي ذاتي القيادة، لتحويل 25% من إجمالي رحلات التنقل فيها إلى ذكية وذاتية القيادة بحلول عام 2030، عبر استخدام الذكاء الاصطناعي.