مجالس المستقبل .. خبراء يؤكدون استمرار العولمة بشكلها الجديد في رسم مسارات التنمية
الظفرة/
أكد خبراء عالميون أن العولمة ما زالت مستمرة وإن كانت بشكل مختلف عما كانت عليه، في تحديد معالم التنمية ورسم مساراتها.
جاء ذلك، في جلسة بعنوان "إعادة تصور النمو"، ضمن أعمال مجالس المستقبل العالمية المنعقدة في دبي خلال الفترة من 15 إلى 17 أكتوبر الحالي، بالتعاون بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي.
شارك في الجلسة كيلي تساي عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة نورث إيسترن الأمريكية، وبول غروينوالد كبير الاقتصاديين العالميين في ستاندرد آند بورز جلوبال، وإريك بارادو كبير الاقتصاديين والمدير العام لإدارة الأبحاث في بنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومنى حداد المديرة العالمية للتجارة والاستثمار والتنافسية في البنك الدولي، وأدارتها قبل جمانة بيرسيشه مقدمة البرامج في بلومبيرغ.
وتناولت كيلي تساي مسألة استمرار العولمة أو انتهائها، حيث أشارت إلى أن تأثير السياسة الصناعية يتأثر بشكل كبير بالجغرافيا السياسية، ومن هذا المنطلق، أكدت على أهمية تعزيز مرونة سلاسل التوريد.
وقالت :" هناك الكثير من النقاش حول المنافسة والاحتمالات المستقبلية، لكن من المهم ملاحظة أنه لا يوجد بيانات تظهر انتهاء العولمة، فما نشهده من تحولات اقتصادية هو عبارة عن تجزئة على أسس إقليمية وجيوسياسية."
وحول مسألة التوازن بين النمو وحماية البيئة، قال بول غروينوالد: "عندما نفكر في النمو، نركز عادةً على رأس المال المادي - مثل الاستثمارات في البنية التحتية. المشكلة، مع ذلك، هي أنه بينما كان رأس المال المادي والناتج المحلي الإجمالي يرتفعان، كان نوع آخر من رأس المال - وهو رأس المال الطبيعي الذي يشمل التنوع البيولوجي والنظم البيئية - يتراجع. نحن لا ندعو لوقف النمو، لكن يجب أن نضمن أن يكون النمو مستدامًا ويأخذ رأس المال الطبيعي في الاعتبار"، مشيراً إلى أن معظم البلدان الصناعية، تبنت الفصل بين الانبعاثات والنمو، لذا نشهد نموًا اقتصاديًا مع انخفاض في الانبعاثات. وهذه خطوة إيجابية نحو النمو المستدام.
في السياق ذاته، تطرق إريك بارادو إلى مسألة تأثير الذكاء الاصطناعي على مسارات العمل .. وقال:"إن تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف قد يكون كبيرا، حيث يمكن أن يؤثر على ملايين الأشخاص في عام واحد. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الوظائف ستختفي، بل ستصبح معرضة للذكاء الاصطناعي. لهذا السبب نحتاج إلى إستراتيجية واضحة لإدماج الذكاء الاصطناعي في المدارس، مع التركيز على التدريب وتطوير المهارات كجزء من نهج أوسع لتبني التقدم التكنولوجي".
وتحدثت منى حداد عن التحديات التي تواجه مجموعة من دول العالم .. وقالت: "إن الدول النامية سعت منذ فترة طويلة لفتح أسواقها وزيادة صادراتها وجذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز التوظيف والإنتاجية والنمو. لكن العالم اليوم مختلف تمامًا حيث لم تعد الأسواق مفتوحة كما كانت في الماضي، والعولمة لم تعد كما كانت في السابق. ومن منظور الدول النامية هناك 4 تحديات رئيسية وهي التوترات الجيوسياسية التي تعرقل الاندماج الكامل في سلاسل القيمة العالمية؛ وسياسات تغير المناخ التي تفضلها الدول المتقدمة، ولكن يصعب على الدول النامية الامتثال لها؛ والتكنولوجيا التي توفر فرصًا لكنها تتطلب بنية تحتية تقنية قوية؛ وظهور السياسات الصناعية في الدول المتقدمة مما يخلق فجوة متزايدة تصب في مصلحة الدول الأكثر ثراءً."
جدير بالذكر أن "مجالس المستقبل العالمية 2024" تهدف إلى التوصل إلى فهم مشترك للتغيرات المستقبلية في مختلف القطاعات الحيوية للمجتمعات والشعوب، وتعمل على تحقيق توافق على سبل مواكبتها، وتبحث الآليات التي يمكن للحكومات تبنيها لتعزيز التنمية الاقتصادية وتطوير مهارات مواطنيها وإعدادهم لمتطلبات الحياة والعمل في المستقبل. كما تسعى إلى تعزيز التفكير الابتكاري لصياغة مستقبل أكثر استدامة وشمولاً ومرونة.
وتؤسس مجالس المستقبل العالمية المنعقدة في دبي معالم أجندة اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في دورته المقبلة في يناير 2025. وقد جمعت منذ إطلاقها عام (2008)، 12 ألف مشارك في أكثر من 900 مجلس، ناقشت أهم الاتجاهات التي تؤثر على حياة الإنسان. ويضم اجتماع العام الحالي، 30 مجلسًا وأكثر من 500 مشارك من 80 دولة، من الخبراء وقادة الفكر وأصحاب الرؤى المستقبلية وكبار المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال والأكاديميين وممثلي المؤسسات البحثية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.